فقد استمعوا للقرآن وآمنوا به، ورجعوا دعاة يدعون قومهم إلى التوحيد والإيمان، ويبشرونهم وينذرونهم، وقصة هؤلاء الذين استمعوا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم يرويها البخاري في صحيحه ومسلم عن ابن عباس أيضا في صحيحه.
ويخبر القرآن أن منهم الأقوياء كقوله تعالى في عفريت الذي يخاطب النبي سليمان في قوته على حمل عرش بلقيس وحلمه من اليمن إلى فلسطين: {قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين} [النمل: 39].
وقال تعالى: {وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون} [النمل: 39]، ومن الواضح أن جنود سليمان كانوا من المؤمنين.
وهم في هذا طوائف فمنهم الكامل في الاستقامة والطيبة وعمل الخير ومنهم من هو دون ذلك، ومنهم البله المغفلون، ومنهم الكفرة وهم كثرة الكاثرة يقول الله تعالى في حكاية عن الجن الذين استمعوا إلى القرآن كما في سورة الجن، آية: 11، {وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا} أي منهم الكاملون في الصلاح ومنهم أقل صلاحا، فهم مذاهب مختلفة كما هو حال البشر، ويقول الله عنهم: {وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا * وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا} [الجن: 15] أي أن منهم المسلمين والظالمين أنفسهم بالكفر، فمن أسلم منهم فقد قصد الهدى بعمله، ومن ظلم نفسه فهو حطب جهنم.
وبعد هذه الفكرة عن عالم الجن يجب أن يعلم أن الصلاة على النبي وآله بحكم أنها عبادة عامة وتعظيم للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم تشمل أيضا مؤمني الجن كما وأن إطلاق الآية قد يدعى شموله كل المؤمنين من الجن والإنس من الموجودين في وقت الخطاب، والذين سيوجدون منهما فيما بعد فأن الأحاديث بإطلاقها تشمل أيضا الجن، ومن الطبيعي أنها تتناول الإنس كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: [من صلى علي عشرا..] وقوله: [من صلى علي عند قبري..]، وقوله: [من صلى علي