المعنى الثاني: يقال على طلب العبد التحية الربانية لنفسه من خلال طلبه لهم لأنهم مجاري خيره وواسطة فيضه، وتلك التحية عبارة عن قوله تعالى: {وادخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بأذن ربهم تحيتهم فيها سلام} [إبراهيم: 23]. وقوله عز وجل: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بأيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات نعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم يوم يلقنهم سلام} [يونس: 10].
ومعنى هذا أن المسلم عليهم يطلب من الله تعالى تسليم تلك الجنات وكتابتها لهم بما فيها من النعم الدائمة والسلامة من كل آفة ذاتا أو كمالا، وتكون هذه تحيته يوم يلقونه لهم لكي ينال بذلك التحية التبعية فيما يوجبه الاتباع والانقياد في دار الدنيا، وتستوجبه التحية اللفظية إليهم بالسلام في الزيارة فإنهم مظاهر كرمه يعوضون التحية بأفضل منها.
وينقل لنا التاريخ في حياة كريم أهل البيت الإمام السبط الحسن عليه الصلاة والسلام وكذا عن سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه الصلاة والسلام كما في وفي مناقب شهرا شوب وغيره أن جارية حيت الإمام الحسن بن علي عليه السلام بطاقة ريحان فقال لها: أنت حرة لوجه الله. فلامه بعض جلسائه على ذلك. فقال هكذا أدبنا الله تعالى فقال: و {ذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} وكان أحسن منها إعتاقها.
وفي [الفصول المهمة، ص: 184] لنور الدين بن الصباغ عن أنس قال: كنت عند الحسين عليه السلام فدخلت عليه جارية [وكان الجواري والعبيد مؤدبين بآداب الإسلام فإن الحسين كان يعلمهم ويؤدبهم وهذه القضية تكشف لنا كم كانت هذه الجارية] فجاءته بطاقة ريحان فقال لها: [أنت حرة لوجه الله تعالى]، فقلت له: [جارية تحييك بطاقة ريحان لا حظ لها ولا بال فتعتقها]؟.
فقال: كذا أدبنا الله أما سمعت قول الله: {وإذا حييتم بتحية فحيوا منها}، وكان أحسن منها عتقها.