فهو خاذل، إنه ليس بين الله وبين أحد قرابة، ولا ينال أحد ولاية الله إلا بالطاعة، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبني عبد المطلب: ائتوني بأعمالكم لا بأنسابكم وأحسابكم، قال الله تعالى: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسآءلون * فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون} [المؤمنون: 103].
وكان الإمام الرضا عليه السلام ينقل لهم أقوال آبائه في ذلك مؤكدا عليه بمفهوم قرآني كما ذكر عن جده الإمام زين العابدين عليه السلام، ويضيف عليه الحوار الذي جرى بين إسماعيل العبد الصالح وبين أبيه الإمام الصادق عليه السلام فعن أبي الصلت الهروي قال:
سمعت الإمام الرضا عليه السلام يحدث عن أبيه أن إسماعيل قال للصادق عليه السلام يا أبتاه! ما تقول في المذنب منا ومن غيرنا؟ فقال عليه السلام: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} [: النساء: 123].
ولتوضيح الفكرة يجب أن يعلم أن أهل الإسلام لما كان يجمعهم دين واحد حكمت الشريعة برفع حكم النسب في كثير من الأحكام بين المسلم والكافر، ولذلك صح السلب قوله تعالى: {إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح} وقال عز وجل: {فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون} [المؤمنون: 27]. فقد نفت الآية كون ولده من أهله مع أنه من أخص أقاربه. وقد عللت هذا النفي ب {أنه عمل غير صالح}، وقد يكون منهم ويخرجه انحرافه وابتعاده عن الحق كما أخرج الله بعض نساء الأنبياء لذلك من الأهل والآل فقال في معرض استثناء الزوجة الغير الصالحة من الأهل: {كذبت قوم لوط بالنذر * إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر} [القمر: 34] وهنا يشمل الآل فقال في معرض استثناها في قوله تعالى: {فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين} [الأعراف: 83].