النوع الثالث في:
[الصلاة على محمد وآل محمد بالفعلية الإيمانية] إن الصلاة التي تنطلق من حيث تجسدها في عالم التحقق من خلال الإيمان بالمعنى الأخص الولاية لهي السبب الأكبر في مقام التهيؤ التي تقتضي استدرار الفيض، واستمرار علة البقاء لكل التجليات المعنوية وأشرفها المناسبة لكمال النور الأول أو لسواه.
ولا يخفى أن هذه الصلاة (الفعلية الإيمانية) تهيأ العبد للرحمة الرحيمية وتستوجب إفاضة الخير، فتكون في بعض الأحيان مصححة لحكم الحكمة الإلهية، لأنها قدر يصير حال العبد من جهة اقتضاء أحواله وأعماله وصفاء روحه وطهارة قلبه بحيث تقتضي الحكمة الإلهية منعه عن الخير الخاص وإذا انضمت تلك الصلاة بأحواله تكون إجابته في ذلك الخير غير مخالف للحكمة، فتؤثر تلك الصلاة في بلوغه الخير والرحمة الخاصة.
قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: [من صلى علي إيمانا واحتسابا استأنف العمل] (17). وعن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام: [من صلى على النبي وآله مرة واحدة بنية وإخلاص من قلبه قضى الله له مائة حاجة منها ثلاثون للدنيا، وسبعون للآخرة] (18).
أقول: يشير الحديث أن الصلاة التي تنطلق عن الإيمان الكامل المأخوذ في مفهومه العمل الصالح، وعن نية صادقة وقلب طاهر، وتوبة نصوح تكون سببا لغفران الذنوب فلا يحبط عمله، بل تكون سببا لقبوله و {ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} [الفتح: 4].
فعندما يكون المؤمن في رحاب الصلاة على محمد وآله يصبح في حالة اليقظة بعيد عن الغفلة عن ارتكاب المحرمات، والمداومة عليها تمنح المؤمن ملكة روحية لا تنفك عنه، وحالة إيمانية تحجبه عن ظلمات المعاصي، وتقربه إلى روح العمل الصالح، وتسري في كيانه سريان الحياة في الشجرة الظمآنة بعد ارتوائها، فيشعر بتلقائية التوافق بين الذكر