قلنا يا رسول الله: قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ فقال:
[قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد إلى آخره]، فسؤالهم بعد نزول الآية ، وإجابتهم ب [اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، إلى آخره] دليل ظاهر على أن الأمر بالصلاة على أهل بيته، وبقية آله مراد من هذه الآية، وإلا لم يسألوا عن الصلاة على أهل بيته وآله عقب نزولها، ولم يجابوا بما ذكر، فلما أجيبوا به دل على أن الصلاة عليهم من جملة المأمور به، وأنه صلى الله عليه وسلم أقامهم في ذلك مقام نفسه، لأن القصد من الصلاة عليه مزيد تعظيمه ومنه تعظيمهم.
ومن ثم لما أدخل في الكساء قال: [اللهم إنهم مني، وأنا منهم، فاجعل صلاتك، ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم] وقضية استجابة هذا الدعاء أن الله صلى عليهم معه، فحينئذ طلب من المؤمنين صلاتهم عليهم معه].
أقول: لقد وضح ذلك بكلمة الحق وإن كان متحاملا على أهله فإن بيان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: كيفية الصلوات في جواب من سأل دليل على أن مقصود الآية (الصلوات المتضمنة) لذكر الآل بنص لسان الوحي الذي نزهه الجليل عز وجل بقوله: {ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين} [الحاقة: 46]، وقال أيضا: {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى} [النجم: 4] إلا أن ابن حجر ومن حذى حذوه أصروا على مخالفة الوحي في الصلوات كما لاحظت في كلامه الذي مر آنفا بالصلاة البتراء،:
{وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا} [النساء: 61].
ويعلم من فحوى بعض الأحاديث أن منهم من كان يراجع النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في بيان كيفية الصلاة عليه مع علمه بما بينه لهم، وهذا يشير إلى عدم تسليمهم للأمر، أو استثقال منهم لقبول ذلك، أو اختلاف حصل فيه منهم أو حسدا من بعض في تقبله.