أما القسم الأول: ففيه مباحث، وقبل الدخول في البحث الأول ينبغي ذكر كلمة حول معنى الشأن النزولي للآيات الكريمة، وضرورته في فهم الآيات القرآنية.
كلمة لابد منها:
فليعلم قبل كل شئ إن كثيرا من السور القرآنية، والآيات الكريمة ترتبط بالحوادث، والأحداث التي وقعت أيام الدعوة الإسلامية كسورة البقرة، والحشر، والعاديات، والدهر وغيرها.
أو نزلت لحاجات ضرورية من الأحكام والقوانين الإسلامية كسورة النساء، والأنفال، والطلاق، والنور وأشباهها أو لذكر فضل النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وقادة المسلمين من آله عليهم السلام ومنزلتهم، وإظهار مقامهم وعلو قدرهم، وبيان أهليتهم للخلافة الربانية: كآية التطهير، وآية المودة، وآية البلاغ وآية الصلوات، وغيرها وكسورة الدهر، وسورة الكوثر.
تلك القضايا والحوادث هي التي سببت نزول السور، أو الآيات وهي المسماة ب (أسباب النزول)، ومن الواضح أن معرفتها تساعد إلى حد كبير في معرفة الآية وما في معرفة الآية من مفهومها الواسع وما فيها من المعاني والأسرار..
ومن هنا اهتم جماعة من محدثي الصحابة والتابعين بأحاديث أسباب النزول، فرووا وأخرجوا أحاديث كثيرة من هذا القبيل، كالواحدي في أسباب النزول والسيوطي وغيرهما. ومع غض النظر عما هو المعتبر من أخبار الآحاد في تفسير القرآن فإنه موكول إلى كتب التفسير إلا أن سبب النزول الوارد حول آية من الآيات إذا كان متواترا، أو قطعي الصدور فلا شك في اعتباره، والوثوق به بل أتفق العلماء على وجوب الأخذ به لحجيته بنص القرآني حيث قال: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب) [الحشر: 7]. وقوله: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) [النساء: 80].