فإن المقياس في صدق [آل محمد] هو كتاب الله وحقا هو ميزان لتقييم الشخصية المؤمنة. وأما العاصون منهم فيرجى لهم المغفرة والرحمة، ولعل قول النبي إبراهيم عليه السلام يشير إلى هذا في الآية المذكورة: {ومن عصاني فإنك غفور رحيم}.
ورأيت كثيرا من الأخبار أن النسب النبوي قد يكون سببا للتوبة والعاقبة الحسنة ولا يخرج صاحبه من الدنيا إلا تائبا كرامة له ولأهل البيت عليهم الصلاة والسلام، إلا اللهم إذا لم يكن في الواقع متحدرا منهم، ولا ننسى مرحلة البرزخ والتطهير لبعضهم..
وذكر في الصواعق: أنه كان من نوادر أبي العينا أنه غض من بعض الهاشميين فقال له:
أتغض مني وأنت تصلي علي في كل صلاة في قولك: [اللهم صل على محمد وعلى آل محمد]؟ فقال: إني أريد الطيبين الطاهرين منهم) 61).
وقال السمهودي في جواهر العقدين، معلقا على تجرأ أبي العيا (62): ولا يخفى موقع ذلك من الجفاء التام ومنابذته لما يستحقه أهل البيت من الاحترام وكل هاشمي فهو طيب طاهر بحسب أصله ونطفته، وأدلة الأمر بالصلاة على الآل تشمله، إذ المعول فيها على كونه مسلما من بني هاشم والمطلب كما سبق عن البيهقي (في كتابه).
والمنظور إليه في ذلك مجرد القرابة، وليس النظر فيه إلى ما يعرض من الأفعال، والقصد بمشروعية ذلك رعاية حق المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فيهم، فكيف يتصرف فيما شرعه من ذلك بإخراج بعضهم. فكيف يبخل بالصلاة التي هي طلب الرحمة لواحد من أهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يستحي منه صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك!! مع أنه يندب لكل مسلم طلب الرحمة التي هي من معنى صلاة الله عليهم لآحاد عصاة الأمة فضلا عن أهل البيت النبوي، وإن حملنا الصلاة على معنى الرحمة المقرونة بالتعظيم فتعظيم كل منهم لحسب ما يليق به على ما يقتضيه حكمة المعطي لذلك، فحظ من لم يكن طاهر الأفعال من ذلك تعظيمه بطهارتها، وصونه النفس عن غوايتها.