من الظلمات إلى النور فصلاة تخرجهم من شدة المصيبة لما صبروا وصلاة للعناية الربانية بهم، وصلاة للإعانة لهم على ذلك.
وجمع {صلوات} إشارة إلى هذا وغيره الذي يناسب المقام أعني: المعاني التي تقتضيها التربية الإلهية الخاصة بالصابرين، وهذا يستفاد من تعبير الآية حيث علقت الصلاة على وصف الصبر: {وبشر الصابرين... أولئك (أي بالوصف المذكور) عليهم صلوات من ربهم} مما يقيد الصلاة في معاني تناسب حالتهم، وتنسجم مع مقامهم وتكون إعانة في مسيرتهم الصعبة.
وهذا يستند على قاعدة الأصوليين والتي تقول: (تعليق الحكم على الوصف مشعر بالعلية)، وهذه اللطيفة جديرة بالملاحظة وهي أن لفظ: {صلوات} في الآية علق بلفظ {ربهم} دون لفظ الجلالة كما في آية الصلوات. وهذا التعبير القرآني نستشف منه:
أن الصابرين استحقوا تلك الصلوات من مقتضى التربية الإلهية الخاصة بأوليائه الصابرين المحتسبين، وعنايته تعالى بهم، الموجبة حمده عليهم كما قال تعالى: {الحمد لله رب العالمين} [الحمد: 1].
وفي مناسبة الحديث عن هذه الآية أنه يجوز إطلاق الصلاة على غير الأنبياء من المؤمنين والأولياء بهذا المعنى أي العناية الربانية والإعانة الملائكية وعليه يكون هذا المعنى مما تستوجبه الصلاة المحمدية في ضمن العنوان العام لمعانيها.
ومن هنا نعرف معنى استشهاد العلامة الحلي بهذه الآية في مجلس خدا بنده. فقد حكى في (لؤلؤة البحرين) من كتاب حياة القلوب، أنه قدس الله سره ناظر أهل الخلاف في مجلس سلطان خدا بنده، أنار الله برهانه وبعد إتمام المناظرة، وبيان حقيقة مذهب الإمامية الاثني عشرية خطب قدس الله لطفه: خطبة بليغة، مشتملة على حمد الله، والصلاة على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، والأئمة عليهم السلام مثلما هو في مذهب الإمامية، وصلوات خاصة بأهل البيت عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام.