الله تعالى ما يظهر أفضليته صلى الله عليه وآله وسلم على جميع الخلق لاختصاصه بهكذا صلاة دون غيره من الخلق جميعا.
وقيل في جمع صلاة الملائكة مع صلاة الله عز وجل هو أن الله تعالى قال هناك {هو الذين يصلي عليكم وملائكته} فجعل الصلاة له وعطف الملائكة عليه، وهاهنا جمع نفسه وملائكته وأسند الصلاة إليهم فقال: {يصلون} وفيه تعظيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا لأن إفراد الواحد بالذكر وعطف الغير عليه يوجب تفضيلا للمذكور على المعطوف، كما أن الملك إذا قال: (يدخل فلان وفلان أيضا) يفهم منه تقديم لا يفهم لو قال: (فلان وفلان يدخلان).
إذا علمت هذا، فقوله تعالى في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
إنهم يصلون إشارة إلى أنه في الصلاة على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كالأصل وفي الصلاة على المؤمنين في قوله: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته} إن الله يرحمهم، ثم إن الملائكة يوافقونه، فهم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلون بالإضافة، كأنها واجبة عليهم أو مندوية سواء صلى الله عليه أو لم يصل وفي المؤمنين ليس كذلك.
ويأتي في معنى (الصلاة) أن صلاته تعالى على نبيه الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وعلى آله " عليهم الصلاة والسلام " لا تقاس بصلاة غيره من الخلق عليهم، كما لا تساوى بصلاته تعالى على غيرهم.
قال الفاكهاني وهو من علماء العامة: وغاية مطلوب الأولين والآخرين صلاة واحدة من الله تعالى، وأنى لهم بذلك بل لو قيل للعاقل: أيما أحب إليك أن تكون أعمال جميع الخلائق في صحيفتك، أو صلاة من الله عليك لما اختار غير الصلاة من الله تعالى. فما ظنك بمن يصلي عليه ربنا سبحانه وجميع ملائكته على الدوام والاستمرار فكيف يحسن بالمؤمن أن لا يكثر من الصلاة عليه أو يغفل عن ذلك.