المطلب الرابع في: [وجوب الصلاة على محمد وآل محمد في كلا التشهدين] إن الأحاديث المذكورة في المطالب السابقة والتي تقدمت في مقام الاستدلال أغلبها مطلقة كما رأيت لا تفرق بين التشهد الأول والثاني، ولا دليل على التخصيص في تشهد دون الثاني، وعليه يكون وجوبها في التشهدين معا، وهذا ما يظهر من كلام الشافعي في كتاب الأم، ج: 1، ص: 102، قال: [ومن صلى صلاة لم يتشهد فيها ويصل على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم وهو يحسن التشهد فعليه إعادتها، وإن تشهد ولم يصل على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أو صلى على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ولم يتشهد فعليه إعادتها حتى يجمعهما جميعا].
فلم يفرق الشافعي في الوجوب بين التشهد الذي كان يعلمه النبي أصحابه كما يعلمهم السورة من القرآن وبين الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي سأله أصحابه أن يعلمهم إياها، ولا ريب أنه كلام محكم، أقامه الشافعي على النظر الدقيق السديد في الدليل الصحيح.
وهو ما أخرجه البخاري ج: 4، ص: 1802، رقم: عن كعب بن عجرة قال:
قيل: يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ قال: [قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد].
وقد عرف الصحابة جميعا السلام على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وهو في التشهدين سواء، وما علمنا أحدا من الصحابة ومن بعدهم يقول: بأن السلام على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يختلف الأول عنه في التشهد الثاني، فصيغته واحدة في التشهدين، ولا يجزئ عن كله بعضه في التشهد الأول، فلما الذي يحملنا على التفريق في