ففي الاحتجاج بإسناده عن سليم بن قيس عن سلمان الفارسي رضي اله عنه قال:
[لما غسله - أي غسل أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم - وكفنه أدخلني وأدخل أبا ذر والمقداد وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم السلام، فتقدم وصففنا خلفه وصلى عليه، وعائشة في الحجرة لا تعلم، قد أخذ جبرئيل ببصرها.
ثم أدخل عشرة من المهاجرين وعشرة من الأنصار فيصلون ويخرجون، حتى لم يبق أحد من المهاجرين والأنصار إلا صلى عليه.. (18) وغيرهم لم يدخله الإمام في الصلاة الحقيقية، وكانت بعد ذلك الصلاة عليه بقراءة آية الصلوات للتقية والمصلحة لئلا يرغب بالتقدم في هذه الصلاة غاصب الخلافة فيجعله فضيلة له وحجة على خلافته كما احتجوا بالتقدم غصبا في حياته عليها.
ثم كان عليه الصلاة والسلام يدخل عشرة عشرة من الصحابة فيقرأ الآية، ويدعون ويخرجون من غير صلاة، وكان ذلك أيضا بعلم الإمام علي " صلوات الله وسلامه عليه " وتوجيهه فيقوم وسطهم فيقرأ الآية وهم يقرؤون معه.
ففي الكافي: بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه الصلاة والسلام قال: لما قبض النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم صلت عليه الملائكة والمهاجرين، والأنصار فوجا فوجا.
قال: وقال أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في صحته وسلامته: إنما أنزلت هذه الآية علي في الصلاة علي بعد قبض الله لي {إن الله وملائكته يصلون على النبي.. الآية} [الأحزاب: 56].
والظاهر أن الملائكة (19) والمهاجرين والأنصار والخواص من الآخرين صلوا عليه الصلاة حقيقية، واستشهد الإمام أبو جعفر عليه السلام بالآية لصلاة الآخرين بقراءة الآية، ويمكن أن يكون الملائكة كلهم والمهاجرون والأنصار أعم من الخواص صلوا بهذا الوجه، ويؤيده استشهاده بالآية.
ومعنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم (أنزلت) بمعنى التنزيل كما وردت في بعض الأخبار بلفظ (نزلت) والمراد من التنزيل هو تعيين مورد من موارد تصديق الآية، أو ذكر فرد من تأويلاتها. فالأمر بالصلاة في هذه الآية المراد منه ما يشمل الصلاة عليه بقراءة الآية بعد موته على جثمانه المقدس، أي أنها تعني فيما تعني الصلاة علي بعد موتي.