مع أنه يقال كما في آل إبراهيم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كذلك فيهم آله عليهم الصلاة والسلام، والأخبار في ذلك كثيرة عن العامة والخاصة في تفسير قوله تعالى: {إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم..}.
وفي نهاية المطاف يتبادر إلى أذهاننا سؤال وهو لماذا كان التشبيه بإبراهيم وآله دون غيره من الأنبياء؟
ولعلنا يمكن أن نجيب أن هناك مناسبة بين إبراهيم وآله عليهم الصلاة والسلام، وبين محمد وآله عليهم الصلاة والسلام من حيث أن النبي وآله عليهم الصلاة والسلام من ذرية إبراهيم عليه السلام كما مر. هذا أولا. وثانيا: أن إبراهيم أفضل الأنبياء بعد نبينا صلى الله عليه وآله وسلم. وثالثا: أن الله تعالى لم يجمع بين البركة والرحمة إلا لإبراهيم وآله كما في قوله: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} [هود: 73].
وقال أحد العرفاء في خصوص عدم التشبيه بموسى عليه الصلاة والسلام: [وسر قوله صلى الله عليه وآله وسلم: كما صليت على إبراهيم وكما باركت على إبراهيم]، ولم يقل كما صليت على موسى، لأن موسى عليه الصلاة والسلام كان التجلي له بالجلال فخر موسى صعقا، والخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان التجلي له بالجمال لأن المحبة والخلة من آثار التجلي بالجمال، ولهذا أمرهم صلى الله عليه وآله وسلم أن يصلوا عليه كما صلى على إبراهيم ليسألوا له التجلي بالجمال.
وهذا لا يقتضي التسوية فيما بينه وبين الخليل صلوات الله وسلامه عليهما لأنه إنما أمرهم أن يسألوا له التجلي بالوصف الذي تجلى به الخليل عليه الصلاة والسلام والذي يقتضيه الحديث المشاركة في الوصف الذي هو التجلي بالجمال، ولا يقتضي التسوية في المقامين ولا في الرتبتين فإن الحق سبحانه يتجلى بالجمال لشخصين بحسب مقاميهما، وإن اشتركا في وصف التجلي بالجمال، فيتجلى لكل واحد منهما بحسب مقامه عنده ورتبته منه ومكانته، فيتجلى للخليل عليه الصلاة والسلام بالجمال بحسب مقامه، ويتجلى لنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالجمال على حسب مقامه فعلى هذا يفهم الحديث.