تتوالى باستمرار من الملائكة الذين لا يعلم عددهم إلا هو سبحانه وتعالى ويأتي زيادة بيان له في المطلب التالي.
بل الصلوات هي أفضل ما يتقربون به إلى الله تعالى على نحو الترقي وانكاك جهاتهم وحركتهم نحو الكمال. قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم (مخاطبا لعلي صلوات الله وسلامه عليه): [أتدري ما سمعت من الملأ الأعلى فيك ليلة أسري بي يا علي؟ سمعتهم يقسمون على الله تعالى بك ويستقضونه حوائجهم ويتقربون إلى الله تعالى بمحبتك، ويجعلون أشرف ما يعبدون الله به الصلاة علي وعليك...
وسمعت الأملاك يقولون: اللهم وطهرنا بالصلاة عليه وعلى آله الطيبين] (35).
أقول: لعل المقصود من الطهارة هو التخلص من الجهات الإمكانية وتجردهم في حركتهم نحو الكمال الإلهي أو باعتبار ترقيهم في مقاماتهم على مذهب من يرى التشكيك فيها أو باعتبار استمرار العلة المبقية.
وقد ورد في معنى ذلك عن العامة عدة أحاديث وقد ذكرنا تفصيل هذا المطلب في بحث [الصلوات على محمد وآل محمد أفضل الذكر]. فراجع.
ومن الطريف ما ذكره أبو هريرة الصفوري الشافعي في كتابه نزهة المجالس ج: 2، ص: 448: [قال جبرائيل يا محمد أن الله تعالى لما خلقني مكثت عشرة آلاف سنة لا أدري ما اسمي، ثم ناداني يا جبرئيل! فعرف اسمي جبرئيل، فقلت: لبيك، اللهم لبيك. فقال: قدسني. فقدسته عشرة آلاف سنة.
ثم قال: مجدني. فمجدته عشرة آلاف سنة. ثم قال: احمدني. فحمدته عشرة آلاف سنة. ثم كشف لي عن ساق العرش، فرأيت سطرا مكتوبا، ففهمني إياه، فإذا هو لا إله إلا الله محمد رسول الله. فقلت: يا رب من محمد رسول الله؟
فقال: يا جبرئيل لولا محمد ما خلقتك، بل لولاه ما خلقت جنة، ولا نارا، ولا شمسا، ولا قمرا. يا جبرئيل صل على محمد فصليت عليه عشرة آلاف سنة].