والأصل يقتضي عدم اختصاص أبي الأوفى بذلك، وهذا من مصاديق الآية المتقدمة، فيثبت جواز إطلاقها على غيره. نعم هذه الصلاة المقصود فيها هي الصلاة التطمينية وليست الصلاة المحمدية حتى يقال أنه لا يجوز أن يشرك معه أحد، فإن المدعى جواز إطلاق الصلاة على غيره بما يناسب مقامه وحاله، على أننا متفقون أن آل محمد صلى الله وسلم عليهم أجمعين يشتركون معه في الصلاة المحمدية كما في متواتر الأحاديث.
الدليل الخامس: الصلاة على الزوجين حين طلب أحدهما ذلك منه صلى الله عليه وآله وسلم، ففي سنن أبي داود، ومسند أحمد، عن جابر بن عبد الله: أن امرأة قالت:
يا رسول الله! صل علي وعلى زوجي، فقال: [صلى الله عليك وعلى زوجك] [1].
إنه صلى الله عليه وآله وسلم حقا رحمة للعالمين فلم يرد طلب هذه المرأة، كيف؟
وهو أكرم الخلق وقد كان بالمؤمنين رؤوف رحيم كما وصفه الكتاب، ومن الواضح أنه يريد من ذلك الإطلاق ما يمكن أن يمنحهما رب العالمين وزوجها من الرحمة بينهما والمودة والزيادة فيهما وما يناسب قابليتهما من المغفرة وغيرها من المعاني التي ذكرناها في البحث الرابع، وليس المقصود الصلاة المحمدية التي خصه وأل بيته عليهم الصلاة والسلام بها في مقام التعظيم والشؤونات الخاصة بهم، وهذا من مصاديق رحمته الذي أرسله الله بها وليس من خصائصه في مقامه حتى يستشكل عليه بأنه [هو يهب لمن يشاء ويخص من يشاء من حقه] بل لا يجوز له أن يهب من حقه الخاص " كالصلاة المحمدية " لانفراده بهذه الخصيصة الربانية، ولعدم قابلية غيره لها فهي سالبة بانتفاء الموضوع.
فلا معنى لما قال أبو اليمن بن عساكر وابن حجر في فتح الباري وغيرهما: [له صلى الله عليه (وآله) وسلم أن يصلي على غيره مطلقا لأنه حقه ومنصبه فله التصرف فيه كيف شاء بخلاف أمته إذ ليس لهم أن يؤثروا غيره بما هو له]. كما وهو مخالف لظاهر الآية {هو الذي يصلي عليكم وملائكته}.