وعن الخاصة: روي عن بكر بن محمد قال: سمعت أبا عبد الله عليه الصلاة والسلام يقول وقد قال بعض أصحابه: [اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت آل إبراهيم] فقال: أبو عبد الله عليه الصلاة والسلام: لا. ولكن قل: [كأفضل ما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد]. قال المحدث الحر العاملي معلقا على الرواية: المراد من هذه الأحاديث بيان أفضل الكيفيات وهو ظاهر (108).
أقول: وهذه كيفية واحدة من ذلك النوع ولا تنحصر الأفضلية في هذه الصيغة لأن الأفضلية قد تكون نسبية في الألفاظ على حسب حال المصلي ومقامه ومعرفته كما لا يخفى، وأيضا ليست أفضل الكيفيات بلحاظ كلمة (أفضل) بل بملاحظة السبك والبلاغة والعبارات الفصيحة لذا أن الصلوات الواردة عن أهل المعرفة هي أفضل الكيفيات لما فيها من الخطاب المناسب ووضع الصفات اللاعقة في مقام الطلب للمصلى عليهم، والمعاني الدقيقة في استدرار الفضل والفيض من خلال واسطته بما يقتضيه حال المصلي ومقام الطلب.
فقد روى ابن طاووس بإسناده عن زياد بن مروان عن حريز قال قالت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك كيف الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال: قل:
[اللهم صل على محمد وأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا].
قال: فقلت في نفسي: [اللهم صل على محمد وأهل بيته]. فقال لي: ليس هكذا قلت لك قل: [اللهم صل على محمد وأهل بيته]. فقال لي إنك لحافظ يا حريز فقل كما أقول لك: [اللهم صل على محمد وأهل بيته الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا].
قال: فقلت: كما قال. فقال لي: قل: [اللهم صل على محمد وأهل بيته الذين ألهمتهم علمك، واستحفظتهم كتابك، واسترعيتهم عبادك. اللهم صل على محمد أهل بيته الذين أمرت بطاعتهم، وأوجبت حبهم، ومودتهم. اللهم صل على محمد وأهل بيته الذين جعلتهم ولاة أمرك بعد نبيك صلى الله عليه وعلى أهل بيته] (109).