وينقل في التاريخ أن أبا دلامة لقي أبا دلف وهو والي العراق، فأخذ بعنان فرسه وقال له: إني حلف لئن رأيتك سالما بقرى العراق، وأنت ذو وفر لتصلين على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ولتملأن حجري دراهم فقال: أما الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم فصلى الله عليه وسلم وأما الدراهم فلا، قال له: جعلت فداك لا تفرق بينهما بالذي أسأله أن لا يفرق بينك وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فاستسلفها أبو دلف وصب الدراهم في حجره.
هذا هو مسلك الكرماء وما اعتاد عليه الناس لكن ليس هو السبب في ضم الصلوات إلى الدعاء بل هو من شؤون مبدأ الكريم ولوازم لطفه تعالى وعليه يحمل ما في نهج البلاغة من كلام للإمام علي عليه الصلاة والسلام: [إذا كانت لك إلى الله سبحانه حاجة فابدأ بمسألة الصلاة على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم سل حاجتك فإن الله أكرم من أن يسأل حاجتين فيقضي إحداهما، ويمنع الأخرى] [1].
ولا يخفى ما في كلام الإمام علي عليه الصلاة والسلام من قوة البرهان فإن الكريم لا يتبعض الصفقة، وإن قبل الدعاء يقبله كله كقبول صلاة الجماعة فتكون الصلاة على محمد وآل محمد ضامنة لإجابة العبد في دعاءه لطلب الحاجة.
ويكون قبول الصلاة ببركة الصلوات وسببها وذلك لكرمه ولطفه، ولذا ذكر صفة الكرم وهي في مقام تعليل قبول الدعاء، وهذا من أقوال النبوة وتعليم الوحي وليس كلام الإمام محمول على ما تعارف عليه الناس، كما وجه ذلك ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه حيث قال: [هذا الكلام على حسب الظاهر الذي يتعارفه الناس بينهم، وهو عليه السلام يسلك هذا المسلك كثيرا، ويخاطب الناس على قدر عقولهم، وأما باطن الأمر فإن الله تعالى لا يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأجل دعائنا إياه أن يصلي عليه لأن معنى قولنا: اللهم صل على محمد أي أكرمه وارفع درجته والله سبحانه قد قضى له