المطلب الثالث في بيان:
[علة تعليق الفعل بالاسم الوصفي دون الاسم الصريح في الآية] والملفت للنظر أنه تعالى عبر في الآية عن حبيبه ب {يصلون على النبي} ولم يقل على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كما وقع لغيره من الأنبياء صلى الله على نبيا وآله وعليهم وسلم، ففي سورة الصافات: {سلام على نوح في العالمين} آية: [79] بالاسم الصريح وكذا قوله تعالى: {سلام على إبراهيم} آية: [109]، و {سلام على موسى وهارون} آية: [120]، وغيرها من الآيات التي سماهم فيها، كما ولم يعلقه بصفة الرسالة كقوله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك} [المائدة: 67].
وإنما عبر عن حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم بذلك الوصف {النبي} لما في ذكر الصفة من التعظيم والفخامة والكرامة التي اختص بها عن سائر الأنبياء، إشعارا بعلو قدره وإعلاما بتفضيل على سائر الرسل ولذا لما ذكر مع خليل الله ذكر بوصف النبوة وذكر الخليل باسمه فقال {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي} [آل عمران: 68].
وهذه فضيلة عظيمة قد نوه العلماء بذكرها، وشرفها وجعلها من خصوصياته، وأما المواضع الأربعة التي ذكره تعالى باسمه الصريح في القرآن الكريم فلا يخفى إنما ذكر لمصلحة تقتضي التصريح باسمه الشريف ولإعتبارات بلاغية تستبطن معاني دقيقة، وعدم اللبس و الإيهام في المعنى المقصود وقد فصلوا القول فذلك المفسرون في كتبهم ولاحظ من ضمنهم الكشاف للزمخشري.
ولا يخفى على أهل الفضل أن التعليق بوصف النبوة دون الرسالة يشير إلى تعظيم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأن الصلاة شرعت لذلك.