المطلب الرابع في:
3 - [الصلوات الربانية والمربية للصابرين] وهي الصلوات التي تعني العناية الربانية بالصابرين والإعانة في فيض الطمأنينة لتربية نفوسهم وتهدئة أرواحهم في مقام المصائب: كما في قوله تعالى:
{وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} [البقرة: 157].
والصلوات هنا تعني العناية الخاصة، واللطف الإلهي للصابرين الصامدين الخارجين من هذه الامتحانات بالنجاح، فتجعل هؤلاء على بصيرة من أمرهم في حياتهم المحفوفة بالمزالق والأخطار فهي إذن (المعية الربانية) التي تلازم الصابرين قال تعالى: {واصبروا إن الله مع الصابرين} [الأنفال: 46]. ويدل الجمع {صلوات} فيما يدل على تعدد وقوع الصلاة منه فصلاة عناية، وصلاة إعانة، وصلاة غفران.. ولذا فسرها (هنا) بعضهم بالغفران ففي كتاب خالويه.. الخامس لمعنى الصلاة: الغفران، كقوله: {أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة}.
وقال ابن عباس: المؤمن إذا سلم الأمر لله ورجع واسترجع عند المصيبة كتب له ثلاث خصال من الخير: الصلاة من الله وهي المغفرة، والرحمة، وتحقيق سبيل الهدى. ولابد من الالتفات أنه تترى عليهم رحمة عظيمة وشاملة.. كما يشير إليه تنكير {رحمة} في الآية الكريمة، وبهذا تبين الفرق بين (صلوات ورحمة) لأن العطف في الأصل يقتضي التغاير.
وذكر في تفسير الآية: أن التدبر في الآية يعطي أن الصلاة غير الرحمة بوجه ويشهد به جمع الصلاة وإفراد الرحمة، وقد قال تعالى: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما} والآية تفيد كون قوله:
{وكان بالمؤمنين رحيما}، في موقع العلة لقوله: {هو الذي يصلي عليكم} والمعنى أنه إنما يصلي عليكم، وكان من اللازم المترقب ذلك، لأن عادته جرت على