وقال الشافعي: لا تجوز صلاته، ثم قال: أنا أذهب إلى حديث الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيرة، فذكر حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال حرب: سمعت أبا يعقوب (يعني إسحاق) يقول: إذا فرغ من التشهد (إماما أو مأموما) صلى على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم لا يجزيه غير ذلك، لقول أصحاب النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم: قد عرفنا السلام عليك (يعني في التشهد والسلام فيها) فكيف الصلاة، فأنزل الله: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} [الأحزاب: 56]، وفسر النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم كيف هي؟ فأدنى ما ذكر عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم في الصلاة عليه يكفيه، فيقله بعد التشهد، والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم في الجلسة الأخيرة عملان هما عدلان، لا يجوز لأحد أن يترك واحدا منهما عمدا، وإن كان ناسيا رجونا أن تجزئه، مع أن بعض علماء الحجاز قال: لا يجزئه ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه (وآله وسلم وإن تركه أعاد الصلاة.
وأما الإمام أحمد بن حنبل، فاختلفت الرواية عنه، ففي مسائل المروزي، قيل لأبي عبد الله: إن ابن راهويه يقول: [لو أن رجلا ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم في التشهد بطلت صلاته]؟ قال: ما أجترئ أن أقول هذا. وقال مرة:
هذا شذوذ. وفي مسائل أبي زرعة الدمشقي، قال أحمد بن حنبل: كنت أتهيب ذلك، ثم تبينت، فإذا الصلاة على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم واجبة. وظاهر هذا أنه رجع عن قوله بعدم الوجوب.
وقال القاضي أبو بكر بن بكير: افترض الله على خلقه أن يصلوا على نبيه ويسلموا تسليما، ولم يجعل ذلك بوقت معلوم. فالواجب أن يكثر المرء منها، ولا يغفل عنها.
وقال القاضي أبو محمد بن نصير: الصلاة على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم واجبة في الجملة. وحكى أبو جعفر الطبري أن محمل الآية عنده على الندب. والواجب منه