ولهذا كان القرآن الذي نزل على أعلى درجات الفصاحة، والبلاغة مشتملا على اللغات الشاذة - أي الفصيحة ولكن ورودها قليلا - وليست شاذة لغة، وإنما كان استعمالها في زمن نزول القرآن قليلا فكانت بقلة استعمالها كما في قوله تعالى: {كبارا} [نوح: 22]، وقوله تعالى: {وإن هذان لساحران} [طه 63]، والأصل أن القرآن محيط باللغات، في جميع القرون فإذا أتى قرن لا يعرف لغة ما قبله، أو كانت قليلة الاستعمال كانت عنده شاذة أو نادرة.
وما نحن فيه الذي يقتضيه اللغة الصحيحة الأصلية هو الجار في لفظة (وآله) خاصة، وأن الفتح مرجوح، أو لا ينبغي وإن كان في: {تسائلون به والأرحام} جائز الفتح أو راجحه.
وعليه قال بعض العرفاء في الفرق بينهما: أنه من جهة المعنى إنك إذا قرأت في [اللهم صل على محمد وآله] بالجار كانت الصلاة عليهم معطوفة على الصلاة عليه، فهي تابعة ولاحقة ومتأخرة عن الصلاة عليه رتبة ولفظا.
وهذا هو المناسب للترتيب الطبيعي والوجودي، فإن الله تعالى خلقه صلى الله عليه وآله وسلم قبلهم وخلقهم من نوره (كما في متواتر الأحاديث عن العامة والخاصة كذلك) وصلى عليه قبلهم، وصلى عليهم بعده فعلى الجار يتسق الترتيب الوجودي والطبيعي مع اللفظي.
وإذا قرأت: ب (الفتح) كان إما على المعية، أو عطفا على المحل.
وفي الأول: يلزم ظاهرا أن صلاة الله عليه وعليهم في الإفاضة سواء، ويلزم من هذا إما التساوي في الوجود إن لاحظنا الترتيب الطبيعي، وإما مخالفة الترتيب الطبيعي إن قدرنا سبقه على وجودهم.