وعلى أية حال أن هذه الرحمة الخاصة تنحصر بالمؤمنين فقط لتعليق الرحمة بوصف الإيمان المشعر بالعلية. أي أن العلة لجلب هذه الرحمة الاتصاف بالإيمان المرضي عنده تعالى ورفع الحجب النفسية وانكشاف الحق بسبب النور التي تتركه هذه الصلاة النورانية فعلى هذا يجوز أن يصلى على المؤمنين بهذا المعنى بأن يقال: (اللهم صل على المؤمنين)، ونحوه بالمعنى المذكور (أي بالصلاة النورانية) لا بمعنى (الصلوات المحمدية) مهما اشتركت بالشكل والقالب.
وقد أشار إلى هذا الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام ففي (بيان التنزيل) لابن شهرآشوب قدس سره: عن سليمان بن خالد الأقطع قال: قلت للإمام الصادق عليه الصلاة والسلام: أيجوز أن يصلى على المؤمنين؟ قال: إي والله يصلى عليهم فقد صلى الله عليهم أما سمعت قول الله: {هو الذي يصلي عليكم...} الآية (4).
أقول: بل تكون (الصلوات المحمدية) أعظم سبب لمضاعفة (الصلاة النورانية) كما يفهم من بعض الأحاديث الواردة عن العامة والخاصة قال: [أخبرني أن الرجل من أمتي إذا صلى علي وأتبع بالصلاة على أهل بيتي فتحت له أبواب السماء، وصلت عليه الملائكة سبعين صلاة، وأنه لمذنب خطأ. ثم تحات عنه الذنوب كما تحات الورق من الشجر، فيقول الله تبارك وتعالى: لبيك يا عبدي وسعديك يا ملائكتي أنتم تصلون عليه سبعين صلاة، وأنا أصلي عليه سبعمائة صلاة] (5).
أقول: عدد سبعين وسبعمائة صلاة على سبيل الكثرة لا الحصر والتعيين، ويقال في التعيين لأشخاص بصفة خاصة. وفي لب اللباب للقطب الراوندي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال: [من صلى علي وعلى آلي صلت عليه الملائكة، ومن صلت عليه الملائكة صلى الله عليه، ومن صلى الله عليه لم يبق في السماوات والأرض ملك إلا ويصلون عليه، ومن صلى علي وعلى آلي واحدة أمر الله حافظيه أن لا يكتبا عليه ثلاثة أيام] (6).