أخرى، إنها نعمة الولاية ولذة حب أولياء الجليل جل وعلا: {وأما إن كان من أصحاب اليمين * فسلام لك من أصحاب اليمين} [الواقعة: 90 و 91].
وليعلم أن للسلام مفهوما واسعا يحمل السلامة في الدين والدنيا والحياة والعقبى والسلامة من كل أنواع الأذى والسوء والعذاب والمعاقبة في حاله ومستقبله في عالم البرزخ والمحشر. قال عز وجل في حق نبيه يحيى عليه الصلاة والسلام: {وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} [مريم: 15].
إن في حياة الإنسان وانتقاله من عالم إلى عالم آخر ثلاثة أيام صعبة: يوم يضع قدمه في هذه الدنيا: {يوم ولد} ويوم موته وانتقاله إلى عالم البرزخ: {ويوم يموت} ويوم بعثه في العالم الآخر الغريب عنه: {ويوم يبعث حيا}، ولما كان من الطبيعي أن تكون هذه الأيام مرافقة للاضطرابات والقلق فإن الله تعالى يكتنف خاصة عباده بسلامة، وعافية ويجعل هؤلاء في ظل حمايته، ومنعته في هذه المراحل المتلاكمة الثلاثة، فيحتاج حينئذ إلى فيض السلامة والهدوء والطمأنينة..
وإليه يشير الإمام علي بن موسى الرضا عليه الصلاة والسلام في رواية له (8): [إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد ويخرج من بطن أمه فيرى الدنيا، ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها، ويوم يبعث حيا فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا، وقد سلم الله عز وجل على يحيى عليه الصلاة والسلام في هذه الثلاثة المواطن وآمن روعته فقال: {وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا}، وقد حكى الله تعالى السلام على عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال: {والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} [مريم: 33]. وقال تعالى في سلامة المؤمنين عند الاحتضار ونزع الروح: {الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} [النمل: 32].