وحينئذ يجوز أن يقصد على الأول الإخبار لأن الصلاة من الله وقعت عليه فهو يخبر عن تلك الصلاة ويريد بذلك التعظيم وإن كان الأولى أن يقصد الإنشاء كما يشير لفظ الآية:
{يصلون على النبي} بالمضارع. وكذا يقال في [سلم] فلا معنى لما ذكر البعض:
من أن الإخبار لا يجوز لعدم وقوع السلام منه تعالى.
أقول إن السلام منه تعالى قد وقع كما في قوله تعالى: {وسلام على المرسلين} [الصافات: 181]. والمراد فيه السلام الفعلي لا اللفظي.
ونشير هنا أنه ينبغي أن لا يأتي في (اللهم صل على محمد وآل محمد) ب (سلم) بصيغة الأمر خلافا للعامة الذين قالوا بكراهية إفراد الصلاة عن السلام في قولهم (اللهم صل على محمد وسلم) وحذفوا (الآل) منه فإن الصلاة - بالمعاني التي ذكرناها وما ستأتي - من أن الصلاة بالمعنى العام والعنوان الكلي تشمل معنى السلام الفعلي أيضا كما في حديث عبد الرحمن بن كثير عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام الآتي ذكره.
وفي ختام هذا المطلب ننبه أنه ينبغي أن لا يستهان في الصلاة من حيث التلفظ ولا يستعجل في التفوه بها فقد نسمع بعض الناس يقول مستعجلا ومطلسما الصلاة طبعا الصلاة المبتورة قائلا: [صعله وسلم] أو [صلله وسلم] إنها أشبه بالطلسم إنها الصلاة المغضوب عليها التي تؤذي الله ورسوله صلى عليه وآله وسلم، وهذا النوع كثيرا ما نسمعه في الإذاعات المرئية والسمعية.
وأما من يصلي عليه بالصلاة الكاملة فكثيرا ما نسمعهم يتلفظون الصلاة على هذا النحو: [صلله عله وسلم] مشوها إياها، وإن دل هذا فإنه يدل على العجلة المنطلقة عن الجهل في مقام الصلاة وجزيل ثوابها والرغبة عن فوائدها والغفلة عن إفاضتها من التسديد والتأييد الرباني واستلهام العلم واستزادة القوة من خلالها.