وأبقاك، وحييتك: أي دعوت لك بأن يحييك الله، لأنك لاتكالك على إجابة دعوتك كأنك تبقيه على الحقيقة، وكذلك عمرك الله وعمرتك، وسقاك الله وسقيتك، وعليه قوله {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه}: أي ادعوا له بأن يصلى عليه. {وكان بالمؤمنين رحيما}: دليل على أن المراد بالصلاة الرحمة. انتهى.
أقول: ولكن نوع معين من الرحمة فإن الرحمة عنوان عام لها مصاديق لا تحصى يضعف أعداد ما خلق بما تشتمل من أنواع ما تحتاج إليه من الرحمة ويسمى هذا القسم: الصلاة النورانية وهي على مراتب حسب حال المتعلق، وما يطلبه من لسان استعداده..
وما ذكره من قوله: كأنهم فاعلون فيه الجمع بين الحقيقة والمجاز، أما ما اخترناه من الجامع بين المعاني أي القدر المشترك بمعنى اشتركا في قدر مشترك؟ وهو إرادة وصول الخير إليهم. فالله تعالى يريد برحمته إياهم إيصال الخير إليهم وملائكته يريدون بالاستغفار ذلك. وهذا أولى لأنهم في ذلك حقيقة بلحاظ العنوان العام وهو الانعطاف.
والخلاصة: أن المراد ب (صلاة الملائكة) الاستغفار وطلب الرحمة والهداية من الله لهم، ويقومون بنصرهم عندما ينحرفون أحيانا إذن تلك فائدة {يصلي عليكم وملائكته} وأما تفصيلا هو ما أشار إليه بقوله: {ليخرجكم من الظلمات إلى النور}، فهي نتيجة وعلة غائية لذكرهم الله تعالى بالوصف المذكور. فإن ذكرتم الله تعالى ذكرا كثيرا، وسبحتموه حين تمسون وحين تصبحون فاعلموا أن الله تعالى هو الذي يذكركم بالعناية والمغفرة والرحمة قال عز وجل: {فاذكروني أذكركم..} [البقرة: 152].
والمناسبة هنا: أن الصلاة على محمد وآله والتي تعدل الأذكار الثلاث: التسبيح والتهليل والتحميد كما في الأخبار الصحيحة أكبر سبب وأعظم مقتضي في العناية الربانية، وذكر الله لهم كما ويذكركم ملائكته بطلب الرحمة والاستغفار لكم والاهتمام بما يصلحكم، وصلاح أمركم، وظهور شرفكم، ودعائهم لكم.