الجواب الرابع: أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال تلك الصلاة بتشبيهها تواضعا لا حقيقة وإنما شرع ذلك لأمته ليكتسبوا بذلك الفضيلة والثواب فهي نوع من المجاز.
أقول: وليس للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أن يتواضع ويتنازل عن ما وضعه الله تعالى من منزلته ومقامه فإنه مأمور حتى بتعظيم نفسه وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام كما أنه ليس من موارد التواضع التي هي من خلقه العظيم، بل الصلاة شرعت لتعظيمه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيم أهل بيته عليهم الصلاة والسلام خاصة بهم، لا يشاركهم في ذلك أحد والتواضع الموهوم ينافيه.
مع أنه لا يمكن التواضع في هذا المقام لأنه يلزم تحصيل الحاصل في الصلاة أو اللغو فإن المفروض أنه صلى الله عليه وآله وسلم وصل إلى ما يقتضي إفاضة ما هو أعظم وأكثر وأشرف وأفضل مما أعطي غيره.
نعم قد ورد من باب التواضع والاحترام فيما إذا ذكر النبي إبراهيم أن يصلى عليه أولا ثم على النبي وآله " صل الله عليه وعلى نبينا وآله وعليه السلام "، وقد مر هذا المعنى في المطلب التاسع من البحث الخامس فراجع.
الجواب الخامس: أن الكاف في: [كما صليت..] للتعليل وليست للتشبيه.
أقول: إن ورود (الكاف) للتعليل أثبتها بعض النحاة منهم ابن هشام قال في المغني:
والثاني (من موارد استعمالها): التعليل أثبت ذلك قوم ونفاه الأكثر. وقيد بعضهم جوازه بأن تكون (الكاف) مكفوفة ب (ما)، كحكاية سيبويه: (كما أنه لا يعلم فتجاور الله عنه) وقول الشاعر:
وطرفك إما جئتنا فاحبسنه * كما يحسبوا أن الهدى حيث تنظر إذ معناه: إنك إذا جئتنا فلا تنظر إليه ليكون ذلك سببا للستر وعدم الفضيحة، والحق جوازه في المجردة من (ما) نحو {وي كأنه لا يفلح الكافرين} [القصص: 82]، أي أعجب لعدم فلاحهم وفي المقرونة ب (ما) الزائدة كما في المثال المذكور آنفا: