المطلب الثاني:
[في سبب إسناد الصلاة إلى لفظ الجلالة في الآية] ويجب أن يلاحظ أنه قد أسند فعل الصلاة في الآية إلى لفظ الجلالة {الله} دون غيره من أسمائه وهذا يدل على التعظيم والتفخيم فإنه الاسم الجامع للصفات.
ويمكن أن يكون ذلك إشارة إلى إفاضة الصلاة بالفيض الخاص في منتهى ما يمكن أن يكون مناسبا لعظمة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في مقامه: [قاب قوسين أو أدنى] لقابليته المطلقة واستعداده لذلك، ولعل ذكر صفة النبوة قرينة علي بأن يقال في سبب الإسناد: لأنه إله جامع للكمال المطلق، ولعدم البخل في ساحته وقابلية المحل واستعداه المطلق اقتضى ذلك أقوى مراحل الصلاة التي تناسب مقامه وروحه المقدسة، ومقام آله الذين هم محال لكماله ومظاهر لرحمته تعالى، كما وهم بمنزلة نفسه في كل شئ إلا ما استثناه من الوحي الخاص.
وبعبارة أخرى على احتمال أن لفظ الجلالة (لا المسمى) الذي هو العلم الجامع لجميع صفات الكمال يشير (فيما يشير) إلى أن الصلاة على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وعلى آله عليهم الصلاة والسلام يقتضيها كونه جامعا لجميع صفات الكمال، كما أن آله عليهم السلام المظهر التام لصفاته تعالى، والتجلي الكامل لأسمائه، كما ولهم القابلية المطلقة بذلك لذلك، ولأنه لا بخل في ساحته تبارك ربنا وتعالى كل ذلك أوجب إفاضة الصلاة الفعلية وآثارها لهم.
فحينئذ يجب عليهم تواتر الصلوات والفيض عليهم واستنادا لقاعدة العرفاء: [المحل قابل والمبدأ فياض]، وهذا يناسب ما ذكر من معاني الصلاة حيث فسرها بعض أهل اللغة بالتعظيم والكرامة كما ذكر سابقا ويأتي معنى التعظيم في الصلاة فانتظر.