للمأمور به، والمشبه به جاء نوع من الكمال في الدعاء وحسنه والثناء والبلاغة في الطلب وسيأتي تفصيل هذا المطلب في الأجوبة عن المشبه به.
ولا يمكن أن يكون الجواب عن سؤال الصحابة بالصلاة فقط لمعرفتهم بأصلها، ويدل على هذا أحاديث عديدة، وإنما صح السؤال عن الهيئة التي يؤدى بها ذلك الواجب المأمور به كما وأن السؤال ب (كيف) دليل على أن مقصودهم السؤال عن الهيئة والكيفية التي أمر الله تعالى بالإتيان بها، وليس المقصود بالسؤال سؤال عن الجنس فإن السؤال عن الجنس - كما ادعى البعض ذلك - يسأل عنه ب (ما) وقد شرحنا هذه المسألة في المقصد الرابع فراجع.
وعليه فإن الكيفية الواجبة التي يجب الإتيان بها ولا يجوز تغييرها بل يحرم تغيرها، وهذه تسمى بالصلاة البتراء التي نهى عنها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وراجع التفصيل في ذلك: (المقصد الخامس). بل نقول: إن البتراء موجبة لإيذاء النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم المنهي عنها بل تستوجب سخط رب العالمين، ويشعر بذلك تعقيب آية الصلوات بآية الإيذاء في سورة الأحزاب.
فإن قوله تعالى: {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا} جاءت هذه الآية برقم: [57] بعد آية الصلوات رقم: [56] وهي تشير بحكم التناسق وسياق الآيات إلى التأكيد على الكيفية التي بينها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم للصلوات للآية التي تسبقها، وأنه لمن موارد إيذائه عدم تطبيقها أو تغييرها فإن ذكر النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بالصلوات بغير ضم آله معه مما يسبب إيذاءه، ويثير سخطه، لأنه معصية له ولأمر الله عز وجل ولأنه إيمان ببعض الكتاب وكفر بالبعض الآخر، والآية نهي صريح بتحريم كل ما يسبب ذلك الأذى وقد قال: {والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم} [التوبة: 61].