الجواب الأول: أن التشبيه الواقع في ذلك، المقصود منه تشبيه أصل الصلاة بالصلاة، وأصل الفعل بالفعل مع غض النظر عن قدرها وكيفيتها وأنواعها فإن أشدية المشبه به وأغلبيته ليست أمرا لازما بل قد يتحقق التشبيه بدونها فالمسئول إنما هو راجع إلى الهيئة، لا إلى قدر الموهوب كما يقول: أحد الأخوين (أعطني دينارا كما أعطيت أخي)، وأيضا كما تقول للرجل: (أحسن إلى ولدك كما أحسنت إلى فلان)، وأنت لا تريد بذلك قدر الإحسان، وإنما تريد به أصل الإحسان.
ومنه قوله تعالى: {وأحسن كما أحسن الله إليك} [القصص: 77]، ولا ريب أنه لا يقدر أحد أن يحسن بقدر ما أحسن الله إليه، وإنما أريد به أصل الإحسان لا قدره.
وقوله تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده} [النساء:
163]، وهذا التشبيه في أصل الوحي لا في قدره وفضل الموحى به ولا الموحى إليه.
وقوله تعالى: {فليأتنا بآية كما أرسل الأولون} [الأنبياء: 5]، وتشير الآية إنما كان مرادهم جنس الآية لا نظيرها.
وأيضا قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} [البقرة: 183]، والتشبيه إنما هو في أصل الصوم لا في عينه وقدره وكيفيته.
وقال تعالى: {كما بدأكم تعودون} [الأعراف: 29]، ومعلوم تفاوت ما بين النشأة الأولى، وهي المبدأ والثانية وهي المعاد.
وقال تعالى: {إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا} [المزمل: 15]، ومن الواضح أن التشبيه في أصل الإرسال لا يقتضي تماثل الرسولين. إلى غير ذلك من الآيات.
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: [لو إنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا] (140).
فالتشبيه هنا في أصل الرزق لا في قدره ولا كيفيته، ونظائره كثيرة.