على أن العبرة إنما هي بالخاتمة فقد يكون من استثناه ممن كتبه الله من أهل السعادة، وممن يختم له بالإنابة، فلا تضره تلك الأفعال، كما قال بعض العارفين: [من سبقت له العناية لم تضره الجناية]، مع ما سبق من قوله صلى الله عليه وآله وسلم يا بني عبد المطلب إني سألت الله لكم ثلاثا إن يثبت قائمكم، ويهدي ضالكم، ويعلم جاهلكم.
وقد صححه الحاكم. والله الموفق بمنه وكرمه (63).
أقول: روي عن العامة مستفيضا قوله صلى الله عليه وآله وسلم: [كل نسب منقطع إلا نسبي] وقد روى عن عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله يقول: [كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي] كما في مسند الفاروق [1].
وهذا يخصص الآية الكريمة النافية بإطلاقها عدم نفع النسب، وهي قوله تعالى:
{فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسائلون} [المؤمنون 101].
ولا اعتبار في السياق إن قيل: هو يأبى التخصيص، ومع غض النظر عن التخصيص فإن نسب النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يظهر نفعه بملاحظة معنى الآية.
فإن معناها أنهم لا يتواصلون بالأنساب يوم القيامة، ولا يتعاطفون به مع معرفة بعضهم بعضا، ولا يرحم قريب قريبا لأن لكل امرئ شأن يغنيه عن غيره، ويشغله عنه الخوف والدهشة.
وحاصل المعنى أنه لا يفضل بعضهم بعضا يومئذ بنسب، وإنما يتفاضلون بأعمالهم، فالمراد في الآية نفي آثار النسب وحكمه لا نفي النسب لذاته أي نفيه باعتبار نفي الصفة.