أقول: لا يخفى أن ذلك منه إشارة إلى تعيين مصاديق أهل البيت عليهم الصلاة والسلام وهم الأربعة عشر لذا استشهد بآية التطهير التي تشملهم جميعا نزولا وتأويلا (وبالبيان الذي قدمناه في المطلب الثالث السابق من هذا البحث) وبخصائص الإمامة كإلهام العلم، واستحفاظ الكتاب، والولاية العامة، ووجوب طاعتهم، وفرض مودتهم كما في آية الطاعة والمودة في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59] وقوله عز وجل: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور} وفي فقه الإمام الرضا عليه السلام، [اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، وارحم محمدا وآل محمد أفضل ما صليت وباركت ورحمت وترحمت وسلمت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد] (110).
وفي السرائر عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: [من قال بعد العصر يوم الجمعة: اللهم صل على محمد وآل محمد، الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته] كان له مثل ثواب عبادة الثقلين في ذلك اليوم 111).
أقول: من المؤكد أن هذا الثواب الجزيل يتعلق بالصلاة الكاملة من ناحية التفضل أو في مقام المعرفة فقد ذكرنا مرارا أن الألفاظ ما هي إلا قوالب لتلك المعرفة للمصلى عليهم.
ثم ليعلم أنه ليس الإشكال الواقع بين المشبه والمشبه به الذي سيأتي في المطلب الحادي عشر في هذه الكيفية وإنما هو فيما إذا كانت (كاف) التشبيه داخلة على (ما) المصدرية أو الموصولة نحو: [اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم] حيث روى العامة كل تلك الأحاديث بنحو هذه العبارة، أما إذا كانت الكاف داخلة على (أفضل) فلا يلزم منه ذلك بل هو صريح بالأفضلية كما ورد ذلك عن أئمتنا عليهم الصلاة والسلام.