وحقا يقال: أن السنة في خلاف السنة، فقد أصبحنا في زمن القائل فيه: [صلى الله عليه وآله وسلم] عند ذكر أحد أسماء النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، يعد مرتكبا خطأ في التعبير عند بعض، وأبدع بدعة في الدين عند بعض آخر، ويستغرب منه في مخالفته للسيرة المتداولة والباطلة بين المسلمين الذين أغلبهم يصلون على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة البتراء عند ذكره، وقد صدق النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا؟.
على أن هذه الصلاة من المفروض أن تكون موقع رضا وثواب.. لا موقع إثم وعقاب وإيذاء للحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فإن المأمور به إذا لم يؤت به على المطلوب عمدا يكون معصية لا طاعة.
وربما قد يقال وهل يستحق هذا الذكر وهذه العبادة: [اللهم صل على محمد وآل محمد] تصنيفا مستقلا وتحقيقا مطولا؟ إلا أن ذلك الاستغراب يزول حينما يتبين أن هذا الذكر أمر عبادي يجب معرفة مصداقه الذي يبرأ ذمة المكلف كما وهو من أفضل فضائل العترة الطاهرة، وأعظم مناقبهم، بل وهي من أركان العقيدة الإسلامية، وليس هناك أمر تعبد الله به خلقه غيره، وستعرف مفصلا خلال مطالعتك لفصول هذا الكتاب الشريف مدى موقعه العقائدي والعبادي، والنفسي والدنيوي والأخروي..
وبعد ذلك كله فإنه يجب أن يعرف هذا الذكر العبادي المنصوص عليه في الذكر الحكيم من حيث كيفيته، والمقصود من المأمور به شرعا لئلا يقع الإنسان في معصية الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، كما وينال ما يترتب على أداء هذه العبادة العظيمة على وجهها الشرعي من الثواب الكثير والأجر الكبير والفوائد الدنيوية، وآثارها الأخروية، والفوز برضا الله تعالى وهذا صدى القرآن الكريم: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) [الأحزاب: 56]، الذي يتلى أناء الليل وأطراف النهار تحدد لنا حكما شرعيا يجب معرفة مصداقه ومورد وجوبه، والتعبد في موارد وجوبه واستحبابه.
وبما أن هذه المسألة من المسائل الخلافية بين الأمة فإني جمعت في هذا المصنف الأحاديث المتواترة، والأخبار المستفيضة التي رواها علماء القوم من عامة المسلمين