وقد روى عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: [من صلى علي وعلى آلي تعظيما لحقي خلق من ذلك القول ملكا... فيقول الله عز وجل: صل على عبدي كما صلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهو يصلي عليه إلى يوم القيامة] (24). أقول: ولعل هذه الصلاة على نحو التعظيم والتبجيل تقتضي تجانس الثواب والأجر للمصلي سواء كان في الدنيا أو في الآخرة كما لا يخفى.
ومما يجب أن يعلم في هذا المقام ما ذكره بعض العرفاء من أن المقصود بالنبوة هي النبوة المطلقة العامة لا النبوة المقيدة، لذا كان تعظيمه مفروضا في العوالم من عالم الملائكة والمجردات، ومعنى النبوة المطلقة هي النبوة الحقيقية الموجودة في الأزل، الباقية إلى الأبد القديمة بقدم الواجب فهي القديمة وجودا، والحادثة ذاتا، ومعناها إطلاع النبي المخصوص بها على استعداد جميع الموجودات بحسب ذواتها وماهياتها وإعطاء كل ذي حق حقه الذي يطلبه بلسان استعداده، من حيث أنه الإنباء الذاتي والتعليم الحقيقي الأزلي المسمى بالربوبية العظيمة والسلطنة الكبرى.
ويسمى صاحب هذا المقام الخليفة الأعظم والإنسان الكبير ويعبرون عنه بالقلم الأعلى والعقل الأول والروح الأعظم. وإلى هذا المعنى إشارة في [أول ما خلق نوري] (25) و [خلق الله آدم على صورته]، وكذلك [من رآني فقد رأى الحق] (26) وغير ذلك من الأخبار فيه.
وإليه أشار المحققون في اصطلاحهم بعين الله وعين العالم، بقولهم: عين الله هو الإنسان الكامل المتحقق بحقيقة البرزخية الكبرى.
وتستند جميع العلوم والأعمال إلى هذا الإنسان الكامل، وكذلك تنتهي إليه جميع المقامات والمراتب. سواء كان هذا الإنسان الكامل رسولا أم وصيا، أو كان نبيا أم وليا وباطن هذه النبوة المطلقة هي الولاية المطلقة، فالولاية المطلقة عبارة عن حصول جميع