فدعاؤه صلى الله عليه وآله وسلم لما جمع فاطمة وعليا والحسن والحسين عليهم السلام تحت كساء واحد: [اللهم قد جعلت صلواتك، ورحمتك، ومغفرتك ورضوانك على إبراهيم وآل إبراهيم، اللهم إنهم مني وأنا منهم فاجعل صلواتك، ورحمتك، ومغفرتك، ورضوانك علي وعليهم] (12)، يجري مجرى هذه الآية: {إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين} [آل عمران: 33]، في تعليل واستحقاق ذلك.
أقول: قد ورد هذا الدعاء عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في موقعين، الأول في نزول آية التطهير في أصحاب الكساء الخمسة، وتواتر ذلك عن العامة، وقد روى بهذا اللفظ عدة علماء: منهم الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال لفاطمة: ائتني بزوجك وابنيك فجاءت بهما، فألقى عليهم كساء فدكيا، قال: ثم وضع يده عليهم، ثم قال:
[اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك، وبركاتك على محمد وعلى آل محمد، إنك حميد مجيد. قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي، وقال إنك على خير] (13).
وقد كرر النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هذا النحو من الدعاء عند نزول آية الصلوات كما مر في المطلب الأول. وسيأتي بعض الأحاديث عن العامة في مطلب كيفيات الصلوات.
وأود أن ألفت الأنظار إلى كلام القاضي النعماني الذي فيه إشارة إلى تأويل الصلاة، وما تستلزم من أمور عقائدية، ومعاني عرفانية بمقتضى دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتشبيههم بآل إبراهيم عليه وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام.
قال: أجمل الله في كتابه قوله: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} فبينه النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لأمته، ونصب أوصياءه لذلك من بعده، وذلك معجز لهم لا يوجد إلا فيهم، ولا يعلم إلا فيهم