أشرت إلى واحدة من ألف. والجوهر الأول يقوم بأمرين: الأول أنه يقبل الفيض من الله والثاني أنه يوصله إلى خلقه.
وإذا قيل أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم يقوم بأمرين: أنه يستقبل الفيض من الله تعالى ويوصله إلى خلقه، فهو صحيح، لأنه هو الجوهر الأول. ويقال للجهة التي تستقبل الفيض في الجوهر الأول من الله تعالى هي الولاية، والجهة التي تعطي للناس تدعى النبوة.
فالولاية باطن النبوة، والنبوة ظاهرها، وهاتان هما صفة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم اعلم أن الإنسان الكامل إما نبي أو ولي. والنبوة إما مطلقة أو مقيدة فالنبوة المطلقة هي النبوة الحقيقية الموجودة في الأزل، الباقية إلى الأبد، القديمة بقدم الواجب فهي القديمة وجودا والحادثة ذاتا ومعناها إطلاع النبي المخصوص بها على استعداد جميع الموجودات بحسب ذواتها وماهياتها وإعطاء كل ذي حق حقه الذي يطلبه بلسان استعداده، من حيث أنه الإنباء الذاتي والتعليم الحقيقي الأزلي المسمى بالربوبية العظيمة وإلى هذا المعنى إشارة في [أول ما خلق نوري] (8) و [خلق الله آدم على صورته]، وكذلك [من رآني فقد رأى الحق] (9) وغير ذلك من الأخبار فيه.
وتستند جميع العلوم والأعمال إلى هذا الإنسان، وكذلك تنتهي إليه جميع المقامات والمراتب. سواء كان هذا الإنسان الكامل رسولا أم وصيا، أو كان نبيا أم وليا، وباطن هذه النبوة المطلقة هي الولاية المطلقة، فالولاية المطلقة عبارة عن حصول جميع هذه الكمالات بحسب الباطن في الأزل، وبقاؤها إلى الأبد، ومرجع هذا المعنى إلى فناء العبد في الحق، وبقاؤه ببقاء الحق. وإليه أشار بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: [أنا وعلي من نور واحد] (10)، و [خلق الله روحي وروح علي بن أبي طالب عليه السلام قبل أن يخلق الخلق بألفي عام] (11) وقول علي عليه السلام: [وكنت وليا وآدم بين الماء والطين] (12).