الجواب التاسع: أن يكون التشبيه على حقيقته ويكفي أن يكون أجلى من وجه واحد ولا يلزم أن يكون المشبه به أقوى من كل وجه بل يلزم أن يكون شيئا واضحا كما في قوله تعالى: {الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة...} [النور: 35]، وأين يقع نور المشكاة من نوره تعالى، لكن لما كانت المشكاة أمرا واضحا ظاهرا في نظر السامع شبه بها نوره ولما كان تعظيم إبراهيم وآله أمرا ظاهرا: [في العالمين] فلذا التشبه به ويؤيده ما في بعض الكيفيات التي مرت من ضم الطلب المذكور بكونه [في العالمين] كما في حديث أبي مسعود الأنصاري المروي في صحيح مسلم وغيره، وحديث الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام في فقهه.
ومر في الجواب الأول ما يشبه هذا الجواب من أن التشبيه واقع في قياس ما ليس بمشتهر بالمشتهر لأنه يجب أن يكون المقيس عليه أوضح من المقيس بوصف الجامع أي ليس من باب إلحاق الناقص بالكامل بل من باب إلحاق ما لم يشتهر بما اشتهر.
قال في مختصر المعاني: في قسم التشبيه: وهذه تقتضي أن يكون وجه الشبه في المشبه به أتم وهو به أشهر أي وأن يكون المشبه به بوجه الشبه أشهر وأعرف في ضمن ما قال أن بيان الإمكان لا يقتضي إلا الأشهرية دون الأتمية انتهى.
وفي الصحاح: الشهرة وضوح الأمر وبالجملة الشهرة يقتضي عموم علم الناس به، والحاصل أن القوة في التشبيه هنا ترجع إلى الظهور والوضوح والصلاة على إبراهيم ظاهرة مشهورة عند أرباب الملل والأديان إجابة لدعائه حيث قال: {واجعل لي لسان صدق في الآخرين} يعني ذكرا جميلا، ومن هذا كانت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ينسبون أنفسهم إليه وإلى دينه فيكون هذا التشبيه من باب قوله: {مثل نوره كمشكاة} لأن نور المشكاة محسوسا مشاهد لكل أحد.
وأيضا هذا الجواب غير مقنع لأن الشهرة في العالمين في ذاتها ليست فضلا حتى تكون في معرض التشبيه الطلبي إلا من حيث آثار الصلاة، هذا إذا كانت بين الناس، أما إذا قصد بالعالمين الخلق كما هو ظاهر اللفظ فلا نسلم أن الصلاة على إبراهيم وآله أشهر في