النوع الثاني في:
[الصلاة على محمد وآل محمد بالفعلية الملائكية] وفي هذا المطلب علينا أن نعرف بأي كيفية تكون صلاة الله تعالى على العبد وبصورة خاصة على محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟ ومن البديهي أن صلاة الله تعالى لم تكن لفظية وذكرا للألفاظ لاستحالة طلب ذلك من غيره، وأيضا ليس المعنى فقط طلب ذلك (بصورة تناسب مقامه) من ملائكته.
فاعلم وفقك الله تعالى إن الملائكة موجودات مجردة وذوات طاهرة وأنواع معصومة لا يذنبون {بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون} [الأنبياء: 27] وهم {لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} [التحريم: 6].
وإن الصلاة من الأوامر الإلهية التي كلف الله تعالى الملائكة بتطبيقها والقيام في شؤون تحققها في مقام التجلي من تهيأ الأرضية للإفاضة لكل شئ له قابليته لذلك، واستعداد في تلقي النفحات من ساحة الجود وفيض المعبود فيما يصلحه ويعرضه للرحمة الخاصة ويعد للتقرب إلى بساط رب العالمين، فتكون هذه الذوات مهمتها في تهيأ الأسباب الطبيعية منها والمعنوية لكل شئ إلى نحو حركة الكمال، ومما يشير إليه قوله تعالى: {فالمدبرات أمرا} [النازعات: 5].
وعلى نحو هذا تكون الصلاة الفعلية في مقاماتهم أي الحركة إلى نحو كمالهم وقربهم إلى المبدأ كل حسب نوعيته بما يستقبل به من واسطة الفيض. وقد روي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال مخاطبا لعلي صلوات الله وسلامه عليه: [أتدري ما سمعت من الملأ الأعلى فيك ليلة أسري بي يا علي؟ سمعتهم يقسمون على الله تعالى بك، ويستقضونه حوائجهم ويتقربون إلى الله تعالى بمحبتك، ويجعلون أشرف ما يعبدون الله به الصلاة علي وعليك... وسمعت الأملاك يقولون: اللهم وطهرنا بالصلاة عليه وعلى آله الطيبين] (14).