المعنى الأول: الذي تتضمنه الصلاة: (التعظيم والتبجيل)، فقد ذكره اللغويون والمفسرون وكما في الأحاديث. ولا يخفى أن المفهوم من تشريع الصلاة عليهم هو التعظيم والتبجيل في المرحلة الأولى.
وجعل الحليمي معني صلاة الله تعالى على نبيه تعظيمه له، فقال في شعب الإيمان: أما الصلاة في اللسان فهي التعظيم... فإذا قلنا: [اللهم صل على محمد (وآله)..]، فإنما نريد اللهم عظم محمدا في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دينه وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته، وإجزال أجره، ومثوبته وإبداء فضله للأولين والآخرين بالمقام المحمود وتقديمه على كافة المقربين والشهود.
قال: وهذه الأمور وإن كان الله تعالى قد أوجبها للنبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فإن كان شئ منها ذات درجات ومراتب فقد يجوز إذا صلى عليه واحد من أمته واستجيب دعاؤه فيه أن يزاد للنبي صلى الله عليه (وآله) وسلم بذلك الدعاء في كل شئ مما سميناه رتبة ودرجة، ولهذا كانت الصلاة مما يقصد بها قضاء حقه، ويتقرب بأدائها إلى الله عز وجل، ويدل على أن قولنا: [اللهم صل على محمد (وآله)..] صلاة منا عليه لنا لا نملك إيصال ما يعظم به أمره، ويعلو به قدره إليه إنما ذلك بيد الله تعالى فصح أن صلاتنا عليه الدعاء بذلك، وابتغاؤه من الله جل ثناؤه.
وبهذا التقرير يظهر الفرق بين آثار صلاة الله على النبي الأكرم صلى الله عليه (وآله) وسلم وبين سائر المؤمنين حيث قال الله: {إن الله وملائكته يصلون على النبي} وقال قبل ذلك في السورة المذكورة {هو الذي يصلي عليكم وملائكته}، ومن المعلوم أن القدر الذي يليق بالنبي الأكرم صلى الله عليه (وآله) وسلم من ذلك أرفع وأجل وأعظم مما يليق بغيره، والإجماع منعقد على أن في هذه الآية من تعظيم النبي الأكرم صلى الله عليه (وآله) وسلم والتنويه به ما ليس في غيرها.