فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم. وفي رواية: ارتدوا على أدبارهم القهقرى. فأقول: بعدا لمن بدل بعدي. وفي رواية: سحقا سحقا. وراجع البخاري، كتاب الرقاق، رقم: 6097. ومسلم، كتاب الفضائل، رقم: 4243.
ولقد علموا ذلك وأن الآية تدل على خلافتهم والصلاة الكاملة والتي توجب تقديمهم في مقام العقيدة والإمامة كما يجب لحوقهم بجدهم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم فلذا أوجبوا على أنفسهم الصلاة البتراء كلما ما ذكروه، وهكذا سار الخلف على سنة السلف، وهل الصلاة الكاملة إلا تعبيرا عن هذه الإمامة والعقيدة بخلافتهم وما تقتضيها من تفضيلهم ومحبتهم والتمسك بهم والسير على نهجهم.
وكيف ما كان فإن القوم عند صلاتهم يقدمون الآل على الأزواج والأصحاب، ولا شك أن عليا عليه الصلاة والسلام أول الآل وأفضلهم وذلك يوجب أفضليته على الصحابة لأنه مقدم في خصوصية الصلاة على الصحابة.
قال العلامة مير المحمدي الحنفي في (علم الكتاب): دعا النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لذريته وعلمه لأمته في كيفية الصلوات، وقال: [اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد]، فاستجاب الله وجعل في ذريته الإمامة من بطن فاطمة عليها السلام نسلا بعد نسل إلى أن انتهت إلى المهدي وهو خاتمهم.
أقول: يشير بكلامه أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كان دعاؤه كدعاء إبراهيم عليه وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام لما قال تعالى له: {قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين} [البقرة: 124]، فاستجاب دعوته في الطاهرين من ذريته دون غيرهم للإمامة، وكذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد دعا لذريته لتلك الإمامة الكبرى، والخلافة العظمى فجعلها في ذريته الطاهرة، من ابنته فاطمة الزهراء عليها وعليهم الصلاة وأزكى السلام.