ولو أن رجلا استأجر إنسانا بدرهم أعطاه إياه عند فراغه من عمله، ثم عمل له أجير من بعد عملا يساوي أجرته دينارا، لصح أن يقال عند فراغ الإنسان من العمل: (أعط هذا الإنسان أجره كما أعطيت فلانا أجره)، أو يقول الأجير نفسه (وفني أجرتي كما وفيت أجيرك بالأمس أجرته).
ولا يقصد التمثيل بين الأجيرين في قدرهما، ولا السؤال في إلحاق الثاني برتبة الأول على وجه الحط عن منزلته، والنقص له من حقه، فهكذا القول في مسألتنا الله سبحانه:
الصلاة على محمد وآله عليهم السلام كما صلى على إبراهيم وآل إبراهيم حسب ما بيناه وشرحناه [1].
الجواب الثاني: ما قاله العامة وهو في غاية الوهن وتفصيله أن التشبيه باق على حقيقته أي الصلاة على إبراهيم أفضل من الصلاة على محمد وآل محمد وذلك أن هذه العبارة: [اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم] علمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمته قبل أن يعلم الناس أو هو يعلم أنه أفضل من إبراهيم وأنه سيد ولد آدم.
أقول: فيه أولا: أنه لا شك أن تعليم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمته الصلاة عليه لما سألوه عن تفسير: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} هي من الأمور العبادية المجملة التي ينزل بها الوحي التفصيلي كباقي الأوامر المجملة التي يبينها صلى الله عليه وآله وسلم، وكل ذلك بوحي من الله كما قال تعالى: {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى * علمه شديد القوى} [النجم: 3، 4، 5]. {ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين} [الحاقة: 46].
ويجب حينئذ أن يكون ذلك معبر عن الواقع مع غض النظر عن علمه صلى الله عليه وآله وسلم وعدم علمه (وإن كان عدم علمه محال) وذلك لأنه الأفضل في الواقع