بل أعدت الصلاة في مقام الإيمان الكامل على صعيد الواقع من العبادات والالتزام بالشريعة دين الله الذي ارتضاه وقد روى عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: [من لم يصل علي فلا دين له] [1].
وفي الدر المنثور عند تفسير الآية ذكر قوله صلى الله عليه وآله وسلم: [قد كان في الله وملائكته كفاية ولكن خص المؤمنين بذلك ليثيبهم عليه].
أقول: وهو إشارة إلى أن الصلاة وإن كان تشريعها لتعظيم النبي الأكرم " صلى الله عليه وآله وسلم " وعلى وآله " عليهم الصلاة والسلام " ويحصل ذلك بتعبد الملائكة بها إلا أن الله لرحمته على الأمة لم يحرمها من ثوابها وآثارها. وذكر في التفسير أن في ذكر صلاته تعالى، وصلاة ملائكته على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قبل أمر المؤمنين بالصلاة عليه دلالة على أن في صلاة المؤمنين له اتباعا لله تعالى وتأسيا واقتداءا بملائكته.
وفي الخطاب تنبيه للمؤمنين إلى ما يجب عليهم من الصلوات والسلام على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم دون غيره من الأنبياء تشريفا له، وأما آله المعصومون فهم بمنزلة نفسه في كل مقاماته الرسالية والنبوية إلا ما استثناه من نزول الوحي الخاص عليهم إذ قال تعالى: {فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم...} [آل عمران: 61]. وحديث الثقلين والسفينة والمنزلة وغيرها دليل على ذلك وقال القندوزي الحنفي في الينابيع المودة ص 16: فمن أكمل دعاءه للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بضم آله فقد استحصل كمال رضا الله، ورضا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وأجزل الله أجره لأنه صلى الله عليه وآله وسلم منهم وهم منه بدليل أنه أدخل نفسه الكريمة المباركة في الآل. ثم نقل أحاديث استدل بها على أن الإمام عليا عليه الصلاة والسلام هو نفس النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال بعد ذكر آية المباهلة: وعنى قوله: {أنفسنا} نفس علي عليه السلام ومما يدل على ذلك قوله صلى * (هامش) [1] - أخرجه الطبراني، رقم: 8941، 8942. وابن أبي شيبة في (الايمان)، ص: 15، وعبد الله بن أحمد في: (المنسد)، رقم: 772 من طريقين عن عاصم عن زر عن ابن مسعود قوله بلفظ: من لم يصل فلا دين له. وإسناده حسن. (*)