المطلب الثالث في:
2 - [الصلاة النورانية في القرآن] وهي الصلاة التي أعدت للذاكرين والمسبحين كثيرا والذين يقبلون إلى الخير ويتعرضون لرحمته، ويعمرون أرض القلب بذكره تعالى، ويزرعونها بآثار الأعمال الصالحة وتكون سببا لتنوير قلوبهم كما في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا * هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما * تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما} [الأحزاب: 43].
والصلاة (هنا) تعني الرعاية والعناية الخاصة بحال المؤمنين أي أن الملائكة يتوسلون إلى الله لمصلحة الإنسان المؤمن، وهذه العناية بالنسبة لله تعني نزول الرحمة وبالنسبة للملائكة تعني الاستغفار وطلب الرحمة لهم لهم كما نقرأ في الآية التالية: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم * ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم * وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم} [سورة غافر: 7].
وهنا سؤال يطرح نفسه: وهو كيف أسند (يصلي) إلى الملائكة مع أنهم فاعلو السبب (أي سبب الصلاة وهو الدعاء وطلب الرحمة وقد مر بيان معنى قيامهم بالصلاة) فقط؟ وأجيب عليه أنهم لما جعلوا مستجابي الدعوة فكأنهم فاعلو الرحمة والرأفة، والصلاة.
وبمثل هذا وجهه الزمخشري في تفسيره على آية الصلوات قال: جعلوا لكونهم مستجابي الدعوة، كأنهم فاعلون الرحمة والرأفة، ونظيره قولهم: حياك الله: أي أحياك