قال السهيلي في نتائج الفكر: الصلاة كلها وإن اختلفت معانيها راجعة إلى أصل واحد فلا تظنها لفظ اشتراك، ولا استعارة. إنما معناها العطف ويكون محسوسا ومعقولا.
والحاصل: أن الاختلاف على هذا القول في أفراد معنى الصلاة، وعلى قول الجمهور (حيث فسروا الصلاة من الله تعالى الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الآدميين الدعاء) في نفس معنى الصلاة. كذا أفاده السيد في شرح الصحيفة.
وأيضا يمكن حمل قول الجمهور على العنوان العام فيقال الصلاة من الله والملائكة وغيرهم تجتمع في النوعية، وتفترق في الأصناف فمن الله العطف بالرحمة، ومن الملائكة الانعطاف بالتبريك والتعظيم والاستغفار لأمته، ومن الناس بالانعطاف إلى الله في طلب ذلك، ومن فسره بمعنى اللين والخضوع والعطف لم يخالف أنه بمعنى الدعاء. ويحسن القول هنا: الصلاة بهذا العنوان مقولة بالتشكيك يختلف المعنى بحسب الموارد.
فعلى ما ذكروا يكون مشتركا معنويا، وهو أولى من الاشتراك اللفظي إذا دار الأمر بينه وبينه. نعم يمكن بين ما نسب إليه تعالى وإلى غيره من معنى الصلاة، واحتمال اشتراك اللفظ بالنسبة إلى ما نسب إليه تعالى قريب جدا. ففي معاني الأخبار عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى: {إن الله وملائكته يصلون} قال: [الصلاة من الله عز وجل رحمة، ومن الملائكة تزكية، ومن الناس دعاء].
فقد استدل المثبت له بأن الضمير في {يصلون} يرجع إلى لفظ الجلالة وللملائكة فالصلاة بالنسبة إلى الملائكة الدعاء، وبالنسبة إلى الله تعالى الثناء فصلاة الله غير صلاة الملائكة فثبت أنه مشترك.
ولا يخفى أن اختيارنا للجامع هو الذي يصحح تصديق المعاني المختلفة التي ذكرها أهل اللغة ل (الصلاة)، وهو أولى من تكلف البعض في ذكر المعاني المختلفة لها بالاشتراك اللفظي بتأويلات لا طائل تحته.