وقيل صلاة الله على خلقه تكون خاصة وتكون عامة فصلاته على أنبيائه هي ما تقدم من الثناء والتعظيم، وصلاته على غيرهم الرحمة فهي التي وسعت كل شئ. ونقل عياض عن بكر القشيري قال: الصلاة على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم من الله تشريف، وزيادة تكرمة، وعلى من دون النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم رحمة.
أقول: وهو يقال في معنى صلاة الله تعالى وملائكته والمؤمنين، ويبدو واضحا أن صلاة الله تكون ثناء بتعريف مقاماتهم في الملأ الأعلى، وإفاضة الفيض والبركة في مجراه..
استمرارا للفيض في العلة المبقية للعصمة والشؤونات الملكوتية والأفعال الغيبية، وأن الصلاة من الملائكة تكون ثناء منهم في حركتهم نحو الكمال والقرب، وإظهار ذلك بنحو يكون ثناء وتعظيما للمصلى عليهم، كما ويكون طلبا لذلك من المبدأ وتجسيدا للثناء في مقاماتهم.
فيكون المعنى من الصلاة أن الله تعالى يثني على نبيه الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بأنواع من الثناء، والتبجيل، وكذلك الملائكة فيا أيها المؤمنون تأسوا بمن شرفهم الله وتعبدهم بالصلوات على محمد وآل محمد (وهم الملائكة) وأثنوا عليه فتكونوا بذلك في اتحاد من الحركة الكمالية، واستجلاب للفيض والخير لأنفسكم، وأرواحكم وكمالكم ومعرفتكم، واندكاك جهاتكم والفناء في ذاته تعالى، واتصالكم بالمبدأ من خلال ما يناسبكم في مقام الاتصال والسنخية.
وقد روى عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام في تفسير آية الصلوات فقال:
[أثنوا عليه وسلموا له]، قوله: (سلموا) مأخوذ من التسليم والانقياد (21).
وبعبارة واضحة أن معنى قولنا: (اللهم صل على محمد وآل محمد) في أحد مراحل مقام الثناء: ندعوه تعالى بأن يثني عليهم ويسدل عليهم التمجيد، ويبلغهم المقام المحمود، والوسيلة العظمى، ويعطيهم لواء الحمد، ويجعلهم صفة تعريفه، ويجعلهم الثناء عليه،