ولقد أصيبوا بأعظم المصائب التي منها اغتصاب حقهم، وغصب خلافتهم. ولا شك أنه يصح أن يقال: (صلوات الله على الصابرين) أو صلى الله على الإمام المقتول بسيف أشقى الورى على حد تعبير النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم إلا أنه ليس هو الدليل على إثبات الصلاة بمعانيها المتعددة بل ذلك يكون على حسب القابل، وللفرق الشاسع بين هذه والصلاة المحمدية واختلاف معانيهما. نعم هو دليل على إثبات جواز إطلاق لفظ الصلاة على غير الأنبياء مع ملاحظة معناها المحدود (العناية الربانية..).
وهذا هو المعنى الذي أراده العلامة الحلي رضوان الله عليه في استشهاده بالآية في مجلس خدابنده مع محاججته الموصلي، وقد تقدم في المطلب الثالث من البحث الرابع.
الدليل الثالث: صلاته على مؤتي الزكاة، قوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم} [التوبة:
103]، فأمر الله أن يأخذ الصدقة من يأتي من الأمة وأن يصلي عليه، وهذا مشرع للنائب عنه أن يصلي على من يعطي الزكاة.
إن قيل: أن هذا خاص وهو خارج عن محل النزاع كما قيل.
قلت: إن محل النزاع وإن كان تشريع الصلاة للمؤمنين في الدعاء لبعضهم البعض إلا أنه لا كلية لعدم الجواز وذلك للموجبة الجزئية في هذه الآية وأنه يجوز الصلاة على بعض الناس وإن كان الدعاء بصفة خاصة، وما المانع من إطلاق هذه الصلاة على مؤتي الزكاة أسوة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وأهل البيت كانوا المصداق البارز في إيتاء الزكاة، والإنفاق في سبيل الله كما لا يخفى.
الدليل الرابع: صلاته على آل أبي أوفى، كما في صحيح البخاري، ومسلم والنسائي وأبي داود، وابن ماجة، ومسند أحمد، وغيرهم ممن اتفق على صحته عن عبد الله بن أبي رافع قال: كان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال:
اللهم صل على آل فلان فأتاه أبي بصدقته فقال: [اللهم صل على آل أبي أوفى] (131).