بالإكرام التام ورفعه الدرجة من دون دعائنا، وإنما تعبدنا نحن بأن نصلي عليه لأن لنا ثوابا في ذلك، لا، لأن إكرام الله تعالى له أمر يستعقبه ويستتبعه دعاؤنا، وأيضا فأي غضاضة على الكريم إذا سئل حاجتين فقضى إحداهما دون الأخرى إن كان عليه في ذلك غضاضة فعليه في رد الحاجة الواحدة غضاضة أيضا] (235).
أقول: من الغريب منه استفادة هذا المعنى عن سيرة الإمام عليه الصلاة والسلام بل هي خلاف الشرع لأن الإمام كثيرا ما يكون في مقام التشرع، ولا يخفى ما فيها من نسبة الخطأ في سيرة المعصوم لأن مسلك التعارف لا يخلو من ذلك بل هو خلاف فرض الإمامة لكونها في مقام الإقتداء، وليس متابعة الناس، ثم لم يكن هذا الكلام في الفهم والاستدلال حتى يصح أن يقال كلمهم على قدر عقولهم وإنما يصح هذا الكلام ما إذا كان في معرفة الله وصفاته وغيرها ما لم يكن تضليلا لهم أو تشريعا فإن الكلام حينئذ على قدر العقول يستلزم تعدد التشريعات ولا ريب أن أمر الناس بهكذا أدب في الدعاء يدخل في ضم التشريع.
وأنكر في آخر كلامه أن تكون الصلوات من الناس لها أثر في إكرام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحمله على صرف التعبد، وهو صحيح لظاهره، إلا أننا ذكرنا ذلك تفصيلا فيما مضى، وهذا يستلزم إنكار تأثير مطلق دعاء المسلمين في مزيد إكرامه صلى الله عليه وآله وسلم، مع أنه بنفسه إكرام له عند الله وعند الناس ولو لم يكن إلا واسطة لذلك، وقد استفاض عنه صلى الله عليه وآله وسلم من الفريقين في الدعاء له والصلاة عليه وطلب الوسيلة والشفاعة والمقام المحمود وغيرها وهو دليل لإكرام الله تعالى له وإن كان ذلك طلبا لغيره.
وأما قوله: [وأيضا فأي غضاضة على الكريم إذا سئل حاجتين فقضى إحداهما دون الأخرى إن كان عليه في ذلك غضاضة فعليه في رد الحاجة الواحدة غضاضة أيضا] هذا اعتراض على مفهوم كلام سيد البلغاء فإنه عليه السلام علل بقوله [فإن الله