أن يقال: أن هذا الوصف إنما أطلق عليه لأنه لم ير عورة قط أو لأنه لم ير عورة نفسه قط فهذا مبالغة غير محمودة (127).
أقول: من باب الكلام يجر الكلام أن هذه الكلمة: (كان أول من آمن من الصبيان) وإن أصر البعض عليها ليصح قولهم: (أول من آمن من الرجال فلان) غير الإمام عليه الصلاة والسلام، لكن حقا يقال أنها هي الفضيلة الكبرى وأعظم مما يقال فيه: (كان أول من آمن من الرجال)، لأن أولئك الرجال يتصور فيهم عبادة الأصنام كما وهو ثابت في تاريخهم، أما هو فهو بعد صبيا (والذي لا يتصور منه عبادة الأصنام) ومرفوع عنه القلم - فرضا - وآمن بالله تعالى وهو طاهر الذيل والنفس وأن كلام التاريخ أنه لم يعبد صنما لغو. مع أن معنى ذلك أنه عليه السلام أظهر الإيمان وإلا فهو الموحد بن الموحدين من حين خلقه الله نورا.
ولقد أفرط أبو محمد الجويني في كرهه للإمام علي عليه الصلاة والسلام حتى كره أن يقال: عن [علي عليه السلام] وما أشبه ذلك كما في شرج الجوهرة للقاني نقلا عن الإمام الجويني: أن السلام في معنى الصلاة فلا يستعمل في الغائب ولا يفرد به غير الأنبياء عليهم السلام فلا يقال: [علي عليه السلام] بل يقال رضي الله تعالى عنه. وسواء في هذا الأحياء والأموات إلا في الحاضر فيقال السلام أو سلام عليك أو عليكم، وهذا مجمع عليه انتهى.
أقول: يعلم مما مر وما يأتي جوابه، كما وأننا نرى الكثير من علماء المسلمين في كتبهم يسلمون على الإمام علي عليه السلام عند ذكر اسمه أو لقبه، بل الأولى أن يجمع بين الصلاة والسلام كما ويكره انفصال السلام عن الصلاة على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وقد يفهم ذلك من آية الصلوات.
وفي هذه المناسبة نتذكر ما ينقل عن الشهيد الشيخ القاضي التستري رضوان الله عليه:
أن القاضي كان في بداية أمره يتظاهر بالولاء للقوم فوضع قاضيا يقضي على المذاهب