أكرم من أن يسأل حاجتين فيقتضي إحداهما، ويمنع الأخرى] وذلك يجب لكرمه كما قدمنا لأن الداعي لما طلب الصلوات على محمد وآل محمد فيكون طلبه (وهي الحاجة الأولى) له وهي بالاتفاق مجابة فيجب عليه أن يشمل الحاجة الثانية بالإجابة لقبح الرد حينئذ نظير ذلك شراء الصفقة وصلاة الجماعة، أما رد الحاجة الواحدة فإنها إذا لم يكن فيها شروط القبول فليست فيها غضاضة وقبح على الكريم، والإمام عليه السلام حينما علل ذلك لأن الصلاة مجابة مقبولة بالاتفاق والتعيين دون غيرها من الحوائج.
ثم إن الدعاء مستجاب في ظهر أخيك المؤمن كما في الحديث وأي من يدعو له أفضل من محمد وآل محمد عليهم الصلاة والسلام؟ وأي دعاء أفضل من تزكية الله محمد وآل محمد عليهم الصلاة والسلام؟ ففضل الصلاة عليهم على سائر الأدعية كفضل محمد وآل محمد عليهم الصلاة والسلام على سائر الخلق البتة، وهو لا يحصى ولا يستقصى، ومن البين أن من أحسن إلى كريم يكافئه بأحسن ما يمكنه، وأي كريم أكرم من نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله الطيبين، وأي متمكن أشد تمكنا منهم، فلا جرم يكافئونه عليها بما لا غاية له، ولا نهاية ولا خسارة ولا ندامة وغرامة في المعاملة مع الكريم، والواجب أن يكون الداعي متوجها حين صلواته عليهم بوجوههم؟، ويمد يده بجاههم، ويسأل بلسانهم حتى يستجاب له فترجع الصلوات بنفعها عليه وبأثرها على دعائه وببركتها على استجابة دعاءه.
الأمر الرابع: إن من كانت له حاجة إلى سلطان فمن آدابه المقررة في العقول والعادات أن يهدى تحفا إلى المقربين بين يديه والمكرمين عليه، لكي يشفعوا له عنده بل لو لم يشفعوا أيضا، وعلم السلطان ذلك يقضى حاجته. وبعبارة أخرى من أحبه السلطان وأكرمه ورفع منزلته يجب أن يكرمه الناس ويثنوا عليه، فإذا فعل استحق العطاء من السلطان، وإذا لم يظهر ذلك منه استحق الحرمان.