أقول: ولكن مما قدمنا والمتأمل في مطالب الكتاب يظهر لك جليا أفضلية الصلاة على محمد وآل محمد على كل أنواع الصلوات.
فإن قيل: إذا كان أفضل كانت الصلاة عليه كذلك طلبنا الدليل على كون الصلاة عليه أفضل.
أقول: الدليل هو قابليتهم المطلقة واستعدادهم في منتهى القبول لإفاضة الخيرات بجميع أنواعها كما مر علينا كرارا.
فإن قيل: الأفضلية عبارة عن علو الدرجة وهي لا يكون إلا بالرحمة والصلاة منه تعالى عبارة عنها فكل منهما لازم للآخر وملزوم.
فالجواب: أن الرحمة كسبية وموهبية، ولا يلزم من مساواة الموهبية مساواة الكسبية أيضا ولو سلمنا في الجميع إذا قلت في الإنشاء: [أعط زيدا ما أعطيت عمروا] فأي مانع من اختصاص زيد بشئ ليس ذلك لعمر، وكذا إذا قلت في الخبر: [أعطيت زيد ما أعطيت عمروا]، فلا دلالة فيه على أنك لم تعط زيدا غيره بل لا دلالة فيه إلا على إنك لم تفضل زيدا على عمرو في العطاء فيسقط الإشكال رأسا.
أقول: ولكن اختصاص التشبيه بإبراهيم دون غيره، كما أن ذكر آله دون غيرهم هو مانع لفظي في مقام التشبيه لا معنوي والكلام في تصحيح التشبيه، ثم عدم المانعية يرجع إلى القرائن في الأمثلة المتقدمة، بل الرحمة بجميع أنواعها وأفرادها تستوجب قابلية القابل، واستعداد المحل حتى الطلب في المستقبل قال تعالى: {هو الذي يصلي عليكم و ملائكته... وكان بالمؤمنين رحيما} ولا يخفى من مقولة التشكيك في الإيمان بما يناسب كل الأنبياء والمرسلين وفي جميع المراتب.
الجواب الثاني عشر: ويصلح أن يكون جوابا في حد ما، لأن تقريره مبنى على أبحاث هذا الكتاب الشريف فإنه يستفاد مما مر أن التشبيه يكون على حقيقته إلا أن المشبه [بلحاظ المصلى من أجلهم وآثار وفوائد الصلاة]، فإنه من الواضح أن الصلاة قربة