هذه الكمالات بحسب الباطن في الأزل، وبقاؤها إلى الأبد، ومرجع هذا المعنى إلى فناء العبد في الحق، وبقاؤه ببقاء الحق. وإليه أشار بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: [أنا وعلي من نور واحد] (27)، و [خلق الله روحي وروح علي بن أبي طالب عليه السلام قبل أن يخلق الخلق بألفي عام] (28)، على اختلاف الروايات. وإن الله بعث عليا مع كل نبي سرا ومعي جهرا. وقول الإمام علي عليه السلام: [وكنت وليا وآدم بين الماء والطين] (29).
وفي منهاج الكرامة في قوله تعالى: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم} [الأعراف: 172]، من كتاب الفردوس لابن شيرويه يرفعه عن حذيفة اليماني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو يعلم الناس متى سمي علي أمير المؤمنين ما أنكروا فضله، سمي أمير المؤمنين وآدم بين الروح والجسد. قال الله عز وجل:
{وإذ أخذ ربك من بني آدم} الآية المتقدمة، قالت الملائكة: بلى، فقال تبارك وتعالى:
أنا ربكم، ومحمد نبيكم، وعلي أميركم (30).
وورد من طرق العامة نحوه ففي ينابيع المودة: روي مير سيد علي الهمداني بإسناده عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله متى وجبت لك النبوة؟ قال: قبل أن يخلق الله آدم وينفخ الروح فيه، وقال: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم} [الأعراف: 172] قالت الأرواح: {بلى} قال الله تعالى: أنا ربكم، ومحمد نبيكم، وعلي أميركم (31).
وفي تأويل الآيات، في سورة الواقعة، عن الإمام علي عليه السلام: [ألا إني أخو رسول الله، وصديقه الأول، وآدم بين الروح والجسد].
وأما النبوة المقيدة فمعناه هو إخبار عن الحقائق الإلهية، أي معرفة ذات الحق تعالى وأسمائه وصفاته وكماله وأحكامه، فإن ضم إليه تبليغ الأحكام والتأديب بالأخلاق والتعليم (بالحكمة) والقيام بالسياسة فهو النبوة التشريعية ويختص بالرسالة (32).