المطلب الثاني:
[لماذا لم تذكر الآية الصلاة على آل النبي] إنه سؤال مثير للتساؤل في بداية الأمر إلا أنه يزول في أدنى تأمل ولا أظن أنه يتبادر إلى أذهان العلماء وأهل الفضل فإن القرآن الكريم له أسلوبه البلاغي، وعبارته الفصيحة التي تحمل في طياتها معنى المأمور به ومقصود رب العالمين، يدركه المخاطب به، ويفهمه الناطق عن الحق ومن علم فصل الخطاب صلوات الله وسلامه عليهم.
ففي غاية السخافة قول بعضهم: [أن الآية لم يذكر فيها الصلاة على آل محمد، وهي الأصل في الوجوب، ولأنها (أي الصلاة على الآل) لم تذكر في بعض كيفيات التعليم فلا تجب عليهم].
فإنه يدل على منتهى الغاية في التجرؤ في تفسير الكتاب العزيز بلا روية لأن من أهم العلوم بل لا يمكن أن يفهم الكتاب العزيز إلا بعرفة اللغة العربية والإحاطة بأسرارها وفصاحتها واعتباراتها البلاغية وغير ذلك. ويأتي أن حقيقة الصلاة على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هي الصلاة عليه وعلى آله معا وإلا لم تتحقق حقيقتها، ووقوع مصداقها واجتماع أجزائها، كما في الصلاة المكتوبة أو الصيام وغيرهما من العبادات فإن النقص من أجزاء الصلاة المكتوبة يستوجب عدم تحققها وصدقها في ذلك بل الواقعة تكون حينئذ مخالفة لأمر المولى ومعصية له ومخالفة لأمر المولى إن تعمد ذلك.
كما وأن الصيام إذا لم يستكمل جميع أجزائه من ترك المفطرات وإحراز الوقت وغيرها لا يصدق على مصداقه (المأمور به) في الآية، وكذا يقال بالنسبة إلى الصلاة على محمد وآل محمد فإن المأمور به في الآية هي هذه العبادة بهذه الأجزاء، لذا فهم الصحابة حين نزولها أن هذا الأمر هو من الأمور العبادية التي يجب أن يبينه النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ويعين أجزائه وكيفيته.
ومما يوضح لنا نزول الآية في [أهل البيت عليهم السلام] قول الصحابة في عدة أحاديث منها حديث البخاري الذي ذكرناه آنفا وفيه: [كيف الصلاة عليكم